وأخرى ، وهي : أنّ سروات النّساء (١) يقصدنها للمشاورة في أمورهنّ ، فيحمدن عاقبة رأيها لهنّ ، ولكنّي لست كذلك ؛ ولئن وجد عندي ضعف في مشاورة النّساء عندما تكلّمت على انطلاق خديجة برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى ورقة بن نوفل في كتابي «بلابل التغريد» .. فما هو إلّا من هذه البابة ، وأسأل الله أن ييسّرني وإيّاها وأولادنا لليسرى ، وأن يجنّبنا وإيّاها العسرى ، وأن يجمع لنا ولهم بين خيرات الدّنيا والأخرى ، وأن يحسن عاقبتنا وعاقبتهم في الأمور كلّها ، ويجيرنا وإيّاهم من خزي الدّنيا وعذاب الآخرة ، وأن يبارك لي فيها وفي أولادها ، ولا يضرّهم ، وأن يجنّبنا وإيّاهم الشّيطان ، ويرزقنا برّهم ، وأن يطيل لنا ولهم الأعمار في خير ولطف وعافية وثبات على الإيمان ، بمنّه وجوده.
ومن آل ذي أصبح : العلّامة الجليل ، الشّيخ عبد الله بن سعد بن سمير (٢) ، وهو الشّيخ التّاسع عشر من أشياخ أستاذنا الأبرّ ، توفّي سنة (١٢٦٢ ه).
وكانت وفاة ابنه العلّامة سالم (٣) بن عبد الله في بتاوي (٤) سنة (١٢٧٠ ه) ، وكان
__________________
(١) سروات النّساء : ساداتهن وأشرافهن.
(٢) كان مولده بذي أصبح عام (١١٨٥ ه) ، وتوفي في الحوطة في (٢٨) ذي القعدة (١٢٦٢ ه) ، أخذ عن كثير من شيوخ عصره ؛ كالحبيب عمر بن سميط ، والحبيب أحمد بن جعفر الحبشي والحبيب عمر بن سقاف ، وغيرهم ، وكان هو مقرىء الحبيب عمر المذكور ، ثم لما ظهر نبوغ الحبيب الحسن وعلو قدمه في العبادة .. صار ملازما له ومستفيدا منه كمثال ونموذج للتواضع والاعتراف بالفضل.
وللشيخ عبد الله عدد من المصنفات. ينظر : «عقد اليواقيت الجوهرية» ، و «تاريخ الشعراء» (٣ / ١٢٢ ـ ١٣٥).
(٣) ولد الشيخ سالم بن عبد الله بذي أصبح ، وتربى في حجر والده وقرأ عليه مبادىء العلوم ، كان من الأذكياء ، وله معرفة بعتاد الحروب ، سار إلى الهند ليختار للدولة الكثيرية خبيرا عسكريا في شؤون المدافع ؛ إذ كان مستشارا للسلطان عبد الله بن محسن كما ذكر المصنف. دخل مكة المكرمة ، وكان كثير العبادة والإفادة ، يقول عنه معاصره الشيخ أحمد الحضراوي : إنه كان يختم القرآن الكريم وهو يطوف بالبيت الحرام. ثم سار إلى جاوة وتديرها ، وبها مات سنة (١٢٧٠ ه) ، وتردد على سنغافورة. ينظر : «مقدمة الدرة اليتيمة» بقلم السيد عمر الجيلاني ، «الجامع» لبامطرف ، وقد أخطأ في اسم المترجم فجعله : سالم بن سعد ، وهذا وهم فليتنبه له. والله أعلم.
(٤) بتاوي هي (بتافيا ـ BTAVIA) عاصمة إندونيسيا إبّان احتلالها من قبل هولندا ، وهي المسمّاة