إنّه بإغراء من بعض العلويّين وأحد آل باجمّال ، واعتزم الشّيخ صالح بن محمّد بلفاس قتله ، ولكّن الأستاذ حال بينه وبين ذلك ، واقتنع منه بالتّوبة.
ثمّ إنّه خان وعاود العمل برشوة كبرى من أولئك ، وهرب عن حضرموت ، واشتهر أمره فقتل ، والأمر أجلى من ابن جلا.
وما عسى أن أقول فيمن حفّه التّوفيق .. فالمجال رحب ولكن في الكلام ضيق ، وما يزال بعيني ذلك الوجه الرّضي كأنّما هو فلقة القمر المضي ، لا يكسف نوره بوس ، ولا يغيّره عبوس ، بل كان جبل رضا لا يتحلحل ولا يتكدّر ما عليه من الوسام ، وقد تعوّد أن يطرد البكاء كلّما عرض له بالابتسام ، كأنما عناه تميم بن المعزّ بقوله [من الطّويل] :
وبي كلّ ما يبكي العيون أقلّه |
|
وإن كنت منه دائما أتبسّم |
ولقد مات له حفيد يسمى أحمد ، كأنّه زهرة شرف في روضة ترف.
زهرة غضّة تفتّح عنها ال |
|
مجد في منبت أنيق الجناب (١) |
قصدت نحوها المنيّة حتّى |
|
وهبت حسن وجهها للتّراب |
تعنو له البدور ، كأنّما خلق من نور ، وتلوح عليه شواهد الفتوح ، ويضمّ إلى الشّرف والجمال خفّة الرّوح.
رأته في المهد عتّاب فقال لها |
|
ذوو الفراسة هذا صفوة الكرم (٢) |
ولا عبارة تفي وقد بذّ جماله المكتفي ، ومع الكمال النّاجم .. لم يأخذ بقول كشاجم [في «ديوانه» ٦١ من الكامل] :
شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ |
|
من شرّ أعينهم بعيب واحد |
دو كانت وفاته في جمادى الآخرة سنة (١٣١٣ ه) ، فاشتدّ عليه وجده ، وغلبته
__________________
(١) البيتان من الخفيف ، وهما لأبي تمام في «ديوانه» (٢ / ٢٨٣).
(٢) البيت من البسيط ، وهو لأبي تمام في «ديوانه» (٢ / ٩٤). عتّاب : هم آل عتاب بن سعد بن زهير ، يتصل نسبه بربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، من بني تغلب.