الأوّلين أخفروا ذمّة الآخرين ، فلم يتقنعوا ولم يناموا عن ثأر ، بل غسلوا بالنّجيع ما كان من ذلك العار .. فتكدّر من جرّاء ذلك ، وابتنى دارا واسعة بسفح جبل عفاك غربيّ مدينة سيئون ، قريبا من القارة الّتي كانت عليها حصون آل الشّيخ عليّ بن حسين بن هرهرة السّابق ذكرهم في عرض مسرور ، وهي معمورة الفناء بالقاصدين ، مملوءة الجفان للواردين.
وفي مدوده جماعة من آل باسلامه. وجماعة من آل ابن عتيق ، جدّهم : الشّيخ عيسى بن سلمة بن عيسى بن سلمة ، أخي الشّيخ محمّد بن سلمة جدّ آل كثير. فيهم كثير من الصّالحين.
ولو لم يكن لهم من الفسّاق إلّا عدوّ الله عبد الرّحمن بن عبد الله بن عتيق ، وزير الشّريف حسن بن أبي نميّ بن بركات .. لكفى ؛ فلقد ذكر عنه المحبيّ والعصاميّ وغيرهما ما تكاد تنشقّ له الأرض ، وتخرّ الجبال هدّا (١).
وفي مدوده جماعة من آل بامطرف يحترفون بشطف الحصر وزنابيل الخريف المسمّاة ـ في عرف الحضارم ـ بالخبر ، وأصلهم ـ كآل الغيل وآل القطن ـ من الصّيعر.
وفيها جماعة من آل حاتم يرجع نسبهم إلى الصّيعر ، لا إلى العلماء الّذين كانوا في تريم (٢).
__________________
(١) ولد ابن عتيق هذا بمكة ، وأمه بنت المشايخ آل ظهيرة ، وخاله هو العلامة الشيخ علي بن جار الله بن ظهيرة الحنفي ، تولى الوزارة بعد سنة (١٠٠٣ ه) ، وعاث في مكة فسادا ؛ إذ تسلط على الشريف حسن أمير مكة ، وصار هو الذي يصدر الأوامر ، وأكل أموال الناس ظلما ، وكان إذا مات أحد من الحجّاج .. أخذ ماله وحجبه عن الورثة ، وهرب من مكة بعض سكانها خوفا من ظلمه ، ولما ولي أبو طالب بن الحسن سنة (١٠١٠ ه) .. استدعاه فأقر بكل ما عمله فحبسه ، فقتل نفسه بجنبية ، فأخذه الشريف ورمى به في حفرة في طريق جدة ، ولم يغسل ولم يكفن ، ورموا عليه الحجارة وقيل فيه :
أشقى النفوس الباغيه |
|
ابن عتيق الطاغيه |
نار الجحيم استعوذت |
|
منه وقالت ماليه |
لما أتى تاريخه |
|
(أجب لظى والهاويه) |
ذكره القطبي في «وقائع مكة» ، والمحبي في «الخلاصة» (٢ / ٣٦١ ـ ٣٦٢) ، وقد ذكر أنه كان يصرح بقوله : الشرع ما نريده ، فباع أمهات الأولاد وألغى الوصايا والأحكام.
(٢) وكان منهم جماعة في شبام ثم عادوا أدراجهم إلى مدوده.