بسائق أبيه من نعومة أظفاره ـ الذّيل ، وواصل في طلاب العلوم بين النّهار واللّيل ، ولم يزل يردّ الضّجر ، ويفترش المدر ، ويدمن السّهر ، ويديم التّحديق ، ويلازم التّحقيق ، حتّى ينعت له الأماني ، واقتطف ثمار التّهاني .. فجاء موضع قول الشّريف الرّضيّ [في «ديوانه» ٢ / ٨ من البسيط] :
لو أنّ عين أبيه اليوم ناظرة |
|
تعجّب الأصل ممّا أثمر الطّرف |
وكان أكثر تخصّصه في علم النّحو ، فهو والشّيخ محمّد باكثير فيه فرسا رهان ، ورضيعا لبان ، وربّما اختلفا في بعض المسائل ؛ كما في (منهلّا) من قول ذي الرّمّة [في «ديوانه» ١٠٢ من الطّويل] :
ولا زال منهلّا بجرعائك القطر
ـ فالأوّل يرى أنّ (منهلّا) اسم فاعل ورفع المسألة إلى بعض العلماء بمكّة ، فصوّب كلامه.
ـ والثّاني يرى أنّه اسم مفعول ، وظفر من شرح «المتمّمة» للسّيّد الأهدل بنصّ يوافقه على ذلك.
وعندي : أنّ كلّا منهما مصيب ؛ لأنّ (منهلّا) زنة (معتلّا) ، وهو صالح للاثنين ، كما في «حاشية الصّبان على الأشمونيّ» [٢ / ٤٧٦] ، لا يتميّز أحدهما إلّا بالنّيّة.
خصائص سيئون :
منها : عذوبة الماء ، حتّى إنّ قائلهم يقول : (سيئون والماء ، ولا سمن البقر في شبام).
ومنها : اعتدال هوائها ، وكثرة صفائها ، ولهذا كان لها منظر جذّاب يأخذ بقلوب أهلها فيكثر له حنين الغائبين عنها من أبنائها.
ولأهلها ميل كثير إلى الأنس ، حتّى إنّهم كانوا يخرجون بأهاليهم في فصلي الصّيف