ويتظاهرون بحسن الظّنّ فيه ، فتركوه حائرا في المطار ، لا يدري ماذا يفعل .. حتّى فرّج الله عليه بمبارك النّاصية السّيّد عبد الرّحمن بن حسن الجفريّ ، وكان جاء في لقاء بعض أصحابه ، فقام بأمره ، كما أخبرني بجميع هذا السّيّد عيدروس بن سالم السّوم.
وكانت قبائل آل عون أطوع للسّيّد عيدروس من الخاتم ، ولم يزل بهم وبقوّة بأسه وهمّته مرهوب الجانب ، محترم الفناء ، حتى انقاد لبعض آراء السّيّد عمر بن بو بكر العيدروس ، وكان على بنته ، ففترت العلائق بينه وبينهم ؛ لأنّ عمر بن بو بكر حمله ـ بإيعاز من آل الكاف ـ على إيثار جانب دولة آل عبد الله عليهم.
ولمّا توفّي السّيّد عيدروس بن عبد القادر في سنة (١٣٤٤ ه) .. وقع رداؤه على أخيه العلّامة الجليل عليّ بن عبد القادر بن سالم العيدروس (١) ، وكان عالما فاضلا ، طلب العلم بمكّة المشرّفة على كثير من مراجيحها ، وكان متخصّصا في «علم الأصول» ، ومشاركا مشاركة قويّة في غيره ، وعنه أخذت «علم الجبر والمقابلة» ، و «علم الخطأين» (٢) ، و «علم العروض والقوافي» ، أنا والشّيخ محمّد بن محمّد باكثير معا في منزلنا ؛ لأنّه كان يتردّد إلى سيئون ، ولكنّه لم يبق بذهني شيء من هذه العلوم إلّا النّزر من القوافي ، وأمّا البواقي مع أنّني أتقنتها عليه .. فقد تفلّتت عنّي لضعف التّوجّه إليها حتّى كأنّي لم أقرأها بعد.
ولقد أردت أن أستذكر «علم الجبر» مرّة ، لوقوع رسالة في يدي منه ، فاعتاصت عليّ وضاق صدري واطّرحتها.
__________________
(١) السيد العلامة المنصب علي بن عبد القادر بن سالم ، مولده سنة (١٢٩٢ ه) بقرية صليلة ، طلب العلم بتريم ، ثم رحل إلى مكة مجاورا برباط السادة بسوق الليل ، ترجمته في : «تاريخ الشعراء» (٥ / ١٨٩ ـ ١٩٧) ، «تعليقات ضياء شهاب» (١ / ١٢٤).
(٢) علم الخطأين : من فروع علم الحساب ، وهو علم يتعرف منه استخراج المجهولات العددية ، إذا أمكن صيرورتها في أربعة أعداد متناسبة ، ومنفعته كالجبر والمقابلة ، إلا أنه أقل عموما وأسهل عملا ، وإنما سمي به لأنه يفرض المطلوب شيئا ويختبر ، فإن وافق .. فذاك ، وإلا .. حفظ الخطأ الثاني ، ويستخرج المطلوب منهما ، فإذا اتفق وقوع المسألة أولا في أربعة أعداد متناسبة .. أمكن استخراجه بخطأ واحد. ينظر : «كشف الظنون» (١ / ٧٠٧).