لا يزالان مقفلين ، فوقعا بتدبير الرّبان عند فرج ، فأخذوا يغمزون ويلمزون إلى أن ضاق صدر فرج ـ وسرعان ما يضيق ـ فعاد إلى المركب حزينا ، ولمّا كان وسط اللّيل .. عزم على رميهما في البحر ، ثمّ ثاب إليه رشده وارتأى أن لا يرميهما حتّى يرى ما فيهما ، فعاد بهما إلى مخدعه وفتحهما .. فإذا بهما مشحونان بالأوراق الماليّة من ذوات الألف ربيّة بما يقوّم بعشرات الملايين ، فمن ذلك كانت ثروته الّتي لم يقف فيها عند غاية من فعل المكرمات ، إلّا أنّ أمرها مخوف ، ولا سيّما إن أمكن معرفة أرباب تلك الأموال ، فعسى أن لا تمكن معرفتهم إذ ذاك ليكون لها وجه من الحلّ.
ولم يكتف بتلك المبالغ الضّخمة حتّى أخذ يوسّعها بالتّجارة ، فاقتنى العدد الكثير من المراكب الشّراعيّة ، يمخر بها عباب البحر الهادي والهنديّ والأحمر والأبيض وغيرها ، حتّى لقد جهّز في بعض المواسم خمسا وعشرين سفينة هي وما فيها من البضائع .. من أمواله الخالصة. ولمّا جاء الإدبار .. وردته في يوم واحد خمس وعشرون برقيّة ، كلّ واحدة بتلف سفينة وما فيها من البضائع ، فلم ينكسف باله ، ولم يتغيّر حاله. على رواية هذا اتّفق جماعة من معمّري الحديدة في سنة (١٣٤٠ ه) عن خبرة بحقيقة الأمر ؛ إذ كان رباؤه هو بالحديدة ، إلّا أنّ في النّفس شيئا من البرقيّات ؛ لأنّي لا أدري أكانت متّصلة لذلك العهد أم لا؟
وكان عبدا حبشيّا أعتقه بعض أهل الحديدة ، وكانت أمّ السّيّد الجليل عقيل حبشيّة أيضا ، فهذا مع عشق المكارم وتحمّل المغارم .. هو الجامع بين الرّجلين.
ومن وراء يشحر إلى جهة الجنوب الغربيّ مكان يقال له :
الصّاري ، وهو قرية صغيرة لآل مقيدح الجابريّين ، لا يزيد سكّانها الأكرة عن سبعين شخصا.
ثمّ : شريوف ، وهو واد أكثر أمواله للسّادة آل عبد الله بن حسين العيدروس والمشايخ الزّبيديّين.
ثمّ : رضيح ، وهو واد مبارك ، كان للحبيب علويّ بن أحمد العيدروس ، ثمّ انقسم بين ورثته ، ثمّ استخلص أكثره المنصب السّيّد محمّد بن حسين السّابق ذكره في