وضخامتها تدلّ على أنّه كانت عندهم آلات غريبة للنّقل ؛ لأنّ نقل تلك الحجارة الضّخمة لا يسهل للجمال ولا للرّجال.
وقبائل ميفعة هم :
آل بابحر ، ينقسمون إلى أربع فصائل ؛ آل بارشيد ، وآل باقطمي ، وآل باديّان ، وآل بافقيه يقدّرون ـ حسبما أخبرني بعضهم ـ بأكثر من ألف وخمس مئة رام. والله أعلم بحقيقة الحال (١).
وما سبق من خرق الجبل ليس بالكبير في جانب ما ذكره ياقوت في مادة (مندب) [٥ / ٢٠٩] : (من أنّ بعض الملوك أراد أن يهلك عدوّه ، فندب الرّجال إلى المندب ـ وكان جبلا يحجز البحر ، ويمنعه أن ينبسط بأرض اليمن ـ فقدّوه ، فنفذ البحر إلى أرض اليمن ، وغلب على بلدان وقرى كثيرة ، وأهلك أمما ، وصار منه بحر اليمن الحائل بين أرض اليمن والحبشة ، الآخذ إلى عيذاب والقصير إلى مقابل قوص من بلد الصّعيد ، وعلى ساحله أيلة وجدّة والقلزم وغير ذلك من البلاد). والله أعلم.
هذا آخر كلام ياقوت ، وفيه من البعد ما لا يقبله العقل ؛ لأنّ هذا البحر المسمّى بالأحمر قديم جدّا ، ولأنّ المسافة ما بين رأس دمار الواقع في أفريقيا والجبل المسمّى المنهلي ـ المنسوب للشّيخ سعيد ، وفيه قلعة ـ تقرب من ثلاثين ميلا (٢) ، تمخرها كبريات السّفن بلا توقّف ، فما هو ـ إن صحّ ـ إلّا أمر عظيم لم يصل إليه الغربيّون الآن ، ولا إلى قريب منه ، وظاهر كلام ياقوت أنّه لذلك سمّي المندب.
وسمعت بعض أهل اليمن يقول : إنّما سمّي المندب لواقعة بتهامة كثرت القتلى فيها ، فانتشرت النّدبة (٣) فيه وفي كلّ ما وراءه من البلدان ، فلذلك قيل : باب المندب. والله أعلم.
__________________
(١) الّذي في «الشّامل» (ص ٧٢) : أنّ الباقطميّ يتراوح تقديرهم بين (١٥٠) و (٥٠٠) ، على اختلاف بين القائلين. ونعمان كلّها تقدّر بنحو (١٥٠٠) مقاتل.
(٢) يقدر عرض فتحة باب المندب بنحو (٢٤) كم فقط.
(٣) النّدبة : البكاء على الميت ، وتعداد محاسنه.