فطالع أبا بكر بالخبر ، فدعا لأهل تريم (١) بما بعض أثر إجابته محسوس إلى اليوم من البركة ، ثمّ ظهرت الإباضيّة ، وكان من تقلّب الأحوال والدّول ما لخّصناه في شبام.
أمّا جامع تريم : فأوّل ما انتهى إلينا من عمارته كونها في سنة (٢١٥ ه) ، ثمّ جدّد عمارته الحسين بن سلامة ، والعجب من الشّلّيّ أنّه لم يذكر إلّا عمارته سنة (٥٨١ ه) ، قال : (ثمّ جدّدت عمارته سنة «٥٨٥ ه» ، ثمّ في سنة «٩٠٣ ه» ، كتب الشّيخ عبد الله بن عبد الرّحمن بافضل بلحاج إلى السّلطان عامر بن عبد الوهّاب يطلب منه توسيع المسجد ؛ لأنّه ضاق بالنّاس ، فأرسل بمال جزيل مع السّيّد الجليل محمّد بن أحمد باساكوته ، فعمّره عمارة أكيدة هي الموجودة إلى الآن) اه (٢)
وبعيد جدّا أن تبقى تريم بدون جامع إلى سنة (٢١٥ ه) وبها من الصّحابة وأهل العلم من لا يحصى ؛ ففي «الجوهر» عن الشّيخ عليّ بن محمّد الخطيب قال : (كنّا جلوسا في مقبرة تريم ومعنا الشّيخ عبد الله باعلويّ ، فقال رجل من أهل تريم : في مقبرة تريم سبعون بدريّا. فقلت له : ما كفاكم يا أهل تريم ما فيكم من الصّالحين حتّى تريدون قريبا من ربع أهل بدر؟! فقال لي الشّيخ عبد الله : ما لك وللاعتراض يا ولدي؟ هذا كلام نقله الخلف عن السّلف) اه
ومعاذ الله أن يكون غير صحيح ما يقول فيه الثّقة الإمام : أنّه مرويّ من الخلف عن السّلف ، ومع هذا فهل يمكن بقاؤهم بدون جامع؟
وقد قال بعضهم بوجوب بناء المساجد مستدلّا بما أخرجه التّرمذيّ [٥٩٤] وأبو داود
__________________
(١) المسموع أنه دعا لهم بثلاث دعوات : أن ينبت الصالحون والأولياء فيها كما ينبت البقل ، وأن يعذب ماؤها ، وأن لا تخبو فيها نار حتى قيام الساعة. بمعنى بقاء عمارتها ودوامها. والله أعلم. ينظر : «المشرع» (١ / ٢٥٢) ، «أدوار التاريخ» (٩١).
(٢) «المشرع» (١ / ٢٦٩) ، السلطان عامر هذا .. تقدم ذكره في قيدون ، ولم نعرّف به حينها .. فنقول : هو الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب بن داود بن طاهر بن معوضة القرشي الأموي ، آخر سلاطين اليمن من بني طاهر ، تولى بعد أبيه سنة (٨٩٤ ه) ، ومات سنة (٩٢٣ ه) ، كان شديد الشكيمة ، أقام في زبيد ، واستولى على صنعاء ، وله مآثر كثيرة ، وأقام مساجد ومدارس عديدة باليمن ، قتل بجبل نقم قرب صنعاء. «الأعلام» (٣ / ٢٥٣).