سيّدي الأستاذ الأبرّ في «عقده» أنّها تزيد عن السّتّين والمسمّى منها في العريضة الّتي قدّمها لي الشّيخ امبارك منها ثمانية وخمسون ، وهذه ثروة طائلة وفّروها للعلم بحضرموت ، وقد قرأ عليّ الشّيخ امبارك جملة منها ، فغسلت صدري عن كثير من الكدورات ـ ولا سيّما «إيضاح أسرار علوم المقرّبين» (١) ـ وأنعشت روحي ، وذكّرتني أيّام والدي ، ونفت عنّي وعثاء المسائل الفقهيّة ، إلّا أنّ في بعضها ما يخلص إليه الانتقاد ، نحو الغلوّ في الشّيخ وإنزاله في أعلى ممّا يستحقّ ويجوز ، وفي بعضها ما يشبه كلام الشّيخ ابن عربيّ فيأتي فيها ما يقال فيه ، وقد جوّدت القول عن ذلك في الجزء الثّاني من «الأصل» ، في شرح البيت (٤٤) ، ومن أحسن ما أتى على طرفي النّقد والعذر ما نقلته عن شيخ الإسلام ابن تيميّة فليكشف منه.
أمّا كرم السّادة آل العيدروس .. فحدّث عنه ولا حرج.
فمنهم : الشّيخ الكبير عبد الله بن شيخ (٢) ، حكي أنّه استأذنه جماعة من أهل العلم ليسافروا من أجل ديون لزمتهم ، فقال لهم : (واحد ولا جماعة) فركب إلى الحجاز ، ثمّ إلى الهند ، فأكرمه بعض ملوكها بما يكفي لهم أجمعين ، وما هي إلّا مدّة يسيرة وعاد ، فمثّل المكارم ، وتحمّل المغارم.
خذوا هنيئا مريئا يا بني علوي |
|
منه أمانين من خوف ومن عدم (٣) |
__________________
إلخ. ولد بتريم سنة (١١٣٦ ه) ، وتوفي بمصر سنة (١١٩٢ ه) ، درس في تريم وبها تخرج على آبائه وأعمامه وشيوخ عصره .. رحل إلى العديد من البلدان .. فسطع نجمه وظهر ، وطار صيته في الآفاق وانتشر ، وكان مستقره بمصر القاهرة وبها توفي ، وأشهر تلامذته : السيد محمد مرتضى الزبيدي شارح «القاموس» و «الإحياء» ، ومما صنفه في حق شيخه المترجم : «النفحات القدوسية بواسطة البضعة العيدروسية» وغير ذلك ، وترجم له في «معجم شيوخه».
(١) وقد طبع «الإيضاح» وصدر عن دار الحاوي ، وصحّح بمعرفة العلامة الحبيب يحيى بن أحمد العيدروس رحمه الله تعالى.
(٢) هو الأوسط صاحب القبة بتريم ، المتوفى بها سنة (١٠١٩ ه).
(٣) الأبيات من البسيط ، وهي لأبي تمّام في «ديوانه» (٢ / ٩٤ ـ ٩٥) ، ولكنّ الشّيخ المؤلّف رحمه الله تعالى تصرف فيها.