وبعد هذا رأيت سيّدي عبد القادر بن شيخ العيدروس ينقل في «النّور السّافر» عن «تاريخ ابن المجاور» هذا ، واسمه : «المستبصر» ، ومن جملة ذلك ما نقله عنه في (ص ٧١) في ذكر سدّ مأرب ، ولكنّه لا يسلم من الخبط ؛ إذ زعم أنّ الملك الّذي تواطأ مع ابنه على المشادّة والضّرب .. هو النّعمان بن المنذر ، وإنّما هو عمرو بن عامر كما ذكر السّيّد عبد القادر عن غيره ، وهو الّذي عليه المؤرّخون.
ميفع (١)
هو ساحل يبعد عن البحر بنحو ساعة ونصف ، في شرقيّ بير عليّ وغربيّ بروم.
عليه أراض واسعة ، وفيه مياه غزيرة تدفع إليه من حجر.
وفي أخبار الشّيخ عبد الله بن عمر بامخرمة ـ المتوفّى سنة (٩٧٢ ه) ـ : أنّ له مدائح في سلطان ميفع سند بن محمّد الوداد الثعيريّ (٢).
__________________
(١) ميفع الآن مركز إداري في الساحل الحضرمي ، وإليه تدفع مياه حجر وتذهب بعد ذلك إلى البحر عند رأس الرجيمة وحصن بن طالب ، وتكثر على جانبيه أحراج النخيل والأشجار والأعشاب. وفي عام (١٤١٧ ه) دهمه سيل عظيم فتح منافذ جديدة له في الأرض. وأغلب السكان فيه من قبيلة (نوّح) ، وأكبر بلدانه : السفال ، ثم جول الهنا ، وشرمه ، والغبره. وبالقرب من السفال تمر الطريق الإسفلتية الذاهبة شرقا إلى المكلا ، وغربا إلى وادي ميفعة.
(٢) ههنا حصل تصحيف من النّسّاخ أدّى إلى وجود هذه العبارة والمعلومة المغلوطة.
وتصويب العبارة : أن للعلامة الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة مدائح في سلطان ميفعة ـ وليس ميفع ـ واسمه أحمد بن محمد بن عبد الودود بن سدّة ، الذي كان يحكمها في منتصف القرن العاشر ، وكان حاكما لها سنة (٩٤٥ ه) حيث ذكره المؤرخ باسنجلة في «تاريخه» ، ونقله عنه صاحب «الشامل» (٦٩). ومنشأ الوهم والخطأ من نسخة «السنا الباهر» للشلي ، ويعلم ذلك من الآتي : ١ ـ عدم وجود قوم يقال لهم آل الوداد ، بل هم آل عبد الودود. ٢ ـ النسبة (الثعيري) لا تعرف ، إنما المعروف : الثّعيني ، وهم من بني ظنة. ٣ ـ أن آل سدّه معروفون بكونهم حكام المنطقة كما يؤخذ من «الشامل» وغيره. ٤ ـ تبع صاحب «السنا الباهر» في نقل هذا الخبر على علّاته عدد من المؤرخين ؛ منهم المصنف ، وباوزير في «الصفحات» وصاحب «تاريخ الشعراء». ٥ ـ النص الذي اعتمد عليه هؤلاء هو في حوادث سنة (٩٧٢ ه) في ترجمة بامخرمة من كتاب «السنا الباهر» (ص ٦٣٣) ، و (٦٣٧) من نسخة دار الكتب المصرية ، وهو نص محرف.