بذلك أشدّ كثيرا من فرح ابن ميّادة إذ توارد مع الحطيئة في قوله [من الطّويل] :
مفيد ومتلاف إذا ما أتيته |
|
تهلّل واهتزّ اهتزاز المهنّد (١) |
وبما تقرّر مع قول الشّافعيّ : (إذا صحّ الحديث .. فهو مذهبي) يتحقّق المنصف أنّ مقابل الأصحّ هو الأصحّ ، ولا سيّما في هذه القضيّة ؛ لما مرّ بك من المرجّحات الخارجيّة إن لم تنته إلى دفع بافضل عن الولاية رأسا.
أمّا إذا كان الأمر كما في السّؤال .. فلا شكّ أنّه ساقط عن الولاية ، وإنّما كان كلامي مبنيّا على بقائه بصفتها ، وبكلام ابن القيّم ازداد قلبي طمأنينة ، وصدري انشراحا ، وما أظنّ مؤمنا يطّلع عليه ثمّ يداخله شكّ بعد فيما استوضحته.
وقد بلغني أنّ القطب الحدّاد ـ والله أعلم ـ كان لا يزوّج أبكار بناته البالغات إلّا بعد الاستئذان ، ويتأكّد ذلك بما عرف من حاله أنّه لا يفارق «الزّاد» حضرا ولا سفرا ، وكذلك كان أستاذي الأبرّ رضوان الله عليهم.
وما أنا إلّا من غزيّة إن غوت |
|
غويت وإن ترشد غزيّة أرشد (٢) |
على أنّ الغيّ عن أولئك بعيد ، وإنّما ذكرناه للتّأكيد ، على حدّ قوله : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
ولو أردت الاستقصاء وأن أذكر مثل أولاد سيّدي عيدروس بن علويّ (٣) الثلاثة : محمّد ، وعمر (٤) ، وعبد الله (٥) ، الدّاخلين تحت قول حبيب [في «ديوانه» ٢ / ١٤٤ من الكامل] :
__________________
(١) روى صاحب «الإيضاح في علوم البلاغة» (٣٨٠): (أنشد ابن ميّادة لنفسه : «مفيد ومتلاف إذا ما أتيته ....» البيت ، فقيل له : أين يذهب بك؟ هذا للحطيئة ، فقال : الآن علمت أنّي شاعر ؛ إذ وافقته على قوله ولم أسمعه).
(٢) البيت من الطّويل ، وهو لدريد بن الصّمّة ، كما في «ديوان الحماسة» (١ / ٣٣٧).
(٣) هو السيد الشريف عيدروس بن علوي بن عبد الله بن علوي ، مولده بتريم سنة (١٢٥٠ ه) ، ووفاته بها في (٢٧) رجب (١٣٢٠ ه). ترجمته في : «إتحاف المستفيد».
(٤) السيد عمر بن عيدروس ، مولده بتريم سنة (١٢٨١ ه) ، ووفاته بها في (٢١) ذي الحجة سنة (١٣٢٨ ه) ، كان فاضلا ذا هيبة وكلمة نافذة ، حافظا لكتاب الله ، يصدع بالحق ، آمرا بالمعروف ناه عن المنكر. مترجم في «الإتحاف» (٣٨ ـ ٣٩) ، «تعليقات» ضياء شهاب (١ / ١٢٠).
(٥) ولد الحبيب عبد الله بتريم سنة (١٢٨٤ ه) ، وبها توفي يوم السبت (٥) محرم سنة (١٣٤٧ ه) ،