إلى العلماء ، وكان يتعاظمني ما أسمعه من ذلك حتّى رأيت ما ذكره الخطيب في الحكاية (٢٠٥) من «جوهره» [٢٢١ خ] : (أنّه نشب حرب بين أهل حافّة السّوق وأهل حافّة الخليف ، وجرى بينهم قتل ، وكان أهل السّوق أكثر ، فكمنوا لأهل الخليف ، فعلموا بذلك ، فشكوا إلى الشّيخ أحمد بن عليّ بن محمّد بن عبد الله الخطيب ، فقال لهم : إذا كبّرت لصلاة الصّبح .. فقعوا عليهم ، ففعلوا وهزموهم).
وكانت وفاة الشّيخ أحمد هذا في سنة (٧٠٨ ه) ، ووفاة أخيه عبد الرّحمن في سنة (٧٣٠ ه) ، ووفاة أخيهما محمّد سنة (٧٥٥ ه) ، فعرفنا من تعصّب الشّيخ أحمد لأهل حافّته أنّ آل تريم لم يرثوه عن كلالة (١).
ومن النّوادر : أنّ سيّدي عبد الرّحمن المشهور ـ على ورعه وتقواه وكماله ـ حكم أيّام كان على القضاء بحكم لأحد أهل السّحيل بشاهدين من أهل السّحيل أيضا على واحد من أهل السّوق ، وكان هو ـ أعني سيّدي عبد الرّحمن المشهور ـ إذ ذاك يسكن السّحيل ، فأمضى الحكم ، ونائب الدّولة وهو عليّ عبد الدّائم أحد عبيدهم حاضر ، ألزمه بتنفيذه ، فاتّهمه وقال له : لا أنفّذه ، ولا أرى صحّته ؛ مدّع من السّحيل ، وشهود من السّحيل ، وقاض من السّحيل ، هذا حكم باطل!!
قرى تريم :
وحوالي تريم كثير من القرى ، منها ما يخرج عن سورها الموجود اليوم ؛ كعيديد (٢) ، وهو واد مشرق البهجة ، واضح النّظارة ، ساطع النّور ، واقع بسفح مخاران (٣) الجنوبيّ ، وهو الجبل الّذي يكون بحضيضه الشّرقيّ الخليف السّابق ذكره.
__________________
(١) وللشيخ الفاضل عبد الله بن حسين بافضل ـ الملقب : رحيّم بكسر الراء وتشديد الياء ، وكان مؤرخا ، توفي سنة (١٤٠٠ ه) ـ مجموع في أخبار وحوادث الحوف بتريم.
(٢) وادي عيديد : يقع في الجهة الغربية الجنوبية لمدينة تريم ، وهو واد عظيم كثير الديار والسكان ، وفيه كثير من بساتين النخيل ، وله ذكر في شعر الإمام الحداد.
(٣) شعب مخاران : في جبل الفريط ، غربيّ المدينة ، يلي شعب عيديد إلى الجهة النجدية (الشمالية).
انظر : «البغية» (٢٥).