فحدب عليهم (١) ، وناب فيها عنهم ، ولمّا تسنّم ذروة المنبر لأوّل مرّة .. بكى واستبكى بما طاب وراق ، حتّى انحفظ خبره ، وبقي ذكره خالدا في الأوراق ، ولمّا تأهّل أولاد خاله .. دفعها إليهم.
وكانت وفاة الفقيه أحمد هذا في سنة (٧٢٠ ه) (٢).
وفي (قسم الفيء والغنيمة) من «التّحفة» [٧ / ١٣٨ ـ ١٣٩] و «النّهاية» [٦ / ١٤١] : (واستنبط السّبكيّ من إعطاء مموّني المرتزق من أولاد وزوجات : أنّ الفقيه أو المعيد أو المدرّس إذا مات .. يعطى مموّنه ممّا كان يأخذه ما يقوم به ؛ ترغيبا في العلم ، فإن فضل شيء .. صرف لمن يقوم بالوظيفة ، ولا نظر لاختلال الشّرط فيهم ؛ لأنّهم تبع لأبيهم ، فمدّتهم مغتفرة في جنب ما مضى كزمن البطالة ، والممتنع إنّما هو تقرير من لا يصلح ابتداء.
وردّ بظهور الفرق بين المرتزق وغيره ؛ بأنّ العلم محبوب لا يصدّ النّاس عنه شيء) اه
وكأنّهما يشيران إلى ما جاء في «طبقات ابن السّبكيّ» [٨ / ١٨١] من قوله : (أشاع كثير من النّاس أنّ الوالد كان يرى تولية الأطفال وظائف آبائهم مع عدم صلاحيّتهم إذا قام بالوظائف صالح ، ويرجحهم على الصّالحين ، وتوسّعوا في ذلك ، ونحن أخبر بأبينا ، ولم يكن ذلك رأيه على الإطلاق ، وإنّما كان رأيه فيمن كانت له يد بيضاء في الإسلام ـ من علم وغيره ـ وترك ولدا يمكن أن يتأهّل بأن يباشر وظيفته من يصلح لها وتكون الوظيفة باسم الولد ؛ لأنّ التّولية تنقسم إلى قسمين : تولية اختصاص ، وتولية مباشرة.
فتولية الاختصاص للصّبيّ ، وتولية المباشرة للمباشر.
ومتى ثبتت ولاية الاختصاص للطّفل .. كان مستحقّا للوظيفة استقلالا ، فيأخذها عند صلوحيّته من دون احتياج إلى تجديد ولاية.
__________________
(١) حدب عليهم : انحنى عليهم ، والمراد : عطف عليهم.
(٢) وهو مشهور بالفقيه ؛ لأن من محفوظاته : «الوجيز» للغزالي.