المسنّده
وما وراءها إلى عينات
إذا خرج الخارج من تريم وذهب شرقا .. فأوّل ما يكون عن يمينه : المسنده ، وإليها تنسب الحرب التّميميّة الكثيريّة ، فيقال : (حرب المسنّدة) ، ومن حديثها بالاختصار :
أنّه لمّا استقرّ عبود بن سالم في تريم .. طمع في مثاوي آل تميم ، وكان يتوهّم سهولة إخضاعهم ؛ لما كان يسمع به من غطرسة عبد الله عوض غرامة عليهم واحتمالهم إيّاها ، ولمّا قرع النّبع بالنّبع .. أبت عيدانه أن تكسر ، ودامت الحرب بينهم سبع سنين ـ وقد سبق في سيئون أنّ السّلطان غالب بن محسن قدم من الهند إلى تاربه غرّة جمادى الثّانية من سنة (١٢٧٢ ه) ، وبقيت تلك الفتنة إلى سنة (١٢٧٤ ه) ، حيث انعقد الصّلح لمدّة سبع سنين على شروط ؛ منها : أن يدفع السّلطان غالب بن محسن عشرة آلاف ريال فرانصة (١) غرامة الحرب للمقدّم أحمد بن عبد الله بن يمانيّ قائد رئاسة آل تميم.
وحدّدت بينهم يومئذ الحدود ، ومن ذلك اليوم تحرّر آل تميم ، وامتدّ سلطان المقدّم من شرقيّ تريم إلى ما وراء قبر نبيّ الله هود عليه السّلام ، وتمرّن آل تميم على الحرب والضّرب ، ونجّذهم عليها اختلاطهم بيافع ؛ فكثيرا ما يهزّ آل كثير بالحملة في تلك الفتنة على آل تميم فينهزمون ، ولكن متى حضر عندهم آل الظّبي من سيئون فهزّوا عليهم بالحملة سمعوا صليل سيوف آل الظّبي عند سلّها .. أحجموا وقالوا : إنّ في المكان غير أهله.
ولبس التّميميّون من بعد ذلك جلود النّمور ، وعادوا أبطالا لا يهابون الموت ،
__________________
(١) الريالات الفرانصة التي كان الناس يتعاملون بها آنذاك هي ريالات نمساوية من الفضة الخالصة ، ويسميها البعض قروش فرانصة ، وهي المضروبة باسم القدّيسة المسيحية ماريا تيريزا ، راهبة عاشت في النمسا ـ فيينّا ـ في العصور الوسطى ، وقد انتهى عهد التعامل بها في حضرموت في وقت ليس بالبعيد.