ولا تتخاذل أرجلهم عند الصّوت ، وصار أكثر أهل تريم تحت رحمة آل تميم ؛ لأنّ أكثر أموالهم (١) تحت سيطرتهم ، وكانوا يأخذون منها الشّيء الكثير ، حتّى تواضعوا هم وإيّاهم بواسطة السّيّد حسين بن حامد المحضار وزير القعيطيّ على الخمس ، وكتبت بينهم الوثائق بذلك.
ولمّا انبسط نفوذ آل عبد الله بواسطة الحكومة الإنكليزيّة وساعدهم القعيطيّ (٢) .. منعوا آل تميم من ذلك الرّسم ، وحرّرت في ذلك فتوى من الشّيخ فضل بن عبد الله عرفان ، وصادق عليها الجمّاء الغفير ، وكنت ممّن صادق عليها عن غير تروّ ولا يزال ذلك مشكلا عليّ ؛ لأنّني إذا رأيت ما جاء في غير موضع من «مجموع الأجداد» : (أنّ رجلا بيده نخل يقاسم آخر في ثمرته سنين ، ثمّ امتنع بالآخرة وقال : لا أعطيك شيئا من ثمرته إذ لا حقّ لك فيها ولا في النّخل ، فأقام المدّعي بيّنة بأنّه يقاسمه سنينا عديدة على الرّبع مثلا .. كان القول قول صاحب النّخل بيمينه ، وإقامة البيّنة من المدّعي بمجرّد المقاسمة غير مسموعة ، فلا يحكم له بشيء من النّخل ولا من ثمرته) اه بمعناه.
ويؤيّده ما في فقه السّادة الزّيديّة من أنّ الحقّ لا يثبت بالبيّنة باليد كما في (ص ١٣٥ ج ٤) من «شرح الأزهار» ، ويزيده قوّة قول جدّي علّامة وادي الأحقاف علويّ بن سقّاف : (وليس لشارح (٣) ولا لحرّاث ولا لمفخّط (٤) يد).
إذا رأيت مثل هذا .. سكن خاطري ، ولكن يختلجني الشّكّ إذا رأيت قول «التّحفة» في (زكاة النّبات) [٣ / ٢٤٣] : (وصرّح أئمّتنا بأنّ النّواحي الّتي يؤخذ الخراج من أراضيها ولا يعلم أصله .. يحكم بجواز أخذه ؛ لأنّ الظّاهر أنّه بحقّ). ونحوه في (البيع). ونحوه قولها في مبحث (أحكام الذّمّة) : (والأراضي الّتي
__________________
(١) المقصود بالمال هنا : الأحجال والأراضي الزراعية ـ الجروب ـ وما أشبهها.
(٢) وذلك في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري.
(٣) الشّارح : الحافظ الّذي يحفظ الزّرع.
(٤) المفخّط ـ الملقّح : وهو الذي يقوم بتأبير النخل وتلقيحها بيده.