وأنّ موته لم يكن إلّا بعد رجوعه عنها ، فلعلّه قد نفّذ فيها هذه الفكرة ؛ لأنّ أهلها عبيد من غلبهم من غيرهم ، فلن يمتنعوا من شيء ، تصداق قول مروان بن أبي حفصة يخاطب معنا [في «ديوانه» ٧٥ من الطّويل] :
وطئت خدود الحضرميّين وطأة |
|
بها ما بنو من عزّة قد تضعضعا |
فأقعوا على الأستاه إقعاء معشر |
|
يرون اتّباع الذّلّ أولى وأنفعا |
فلو مدّت الأيدي إلى الحرب كلّها |
|
لكفّوا وما مدّوا إلى الحرب إصبعا |
وأخرى : وهي أنّ النّجير وخبايه وأعمالهما فتحتا عنوة ، فيأتي فيهما ما يأتي في سواد العراق (١).
ومن وراء المسنّده إلى الشّرق : خبايه
وفيها كانت رياض القطا ، بشهادة قول ياقوت [٣ / ١٠٩] : (والرّياض علم لأرض باليمن ، كانت بها واقعة للبيد بن زياد البياضيّ بردّة كندة أيّام أبي بكر رضي الله عنه).
وقال الشّاعر [من المتقارب] :
فما روضة من رياض القطا |
|
ألمّ بها عارض ممطر |
ومع هذا فقد تشكّك في [٣ / ٩٣ ـ ٩٤] في موضع روض القطا ، وذكر قول الأخطل [في «ديوانه» ٢٣٠ من الطّويل] :
وبالمعرسانيّات حلّ وأرزمت |
|
بروض القطا منه مطافيل حفّل (٢) |
__________________
(١) سواد العراق : هو رستاق العراق ، أي : قراه ومزارعه وضياعه التي فتحها المسلمون في عهد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ، سمّي بذلك لسواده بالزروع والنخيل والأشجار لأنه تاخم جزيرة العرب التي لا زرع فيها ولا شجر ، كانوا إذا خرجوا من أرضهم .. ظهرت لهم خضرة الزروع والأشجار فيسمونه سوادا. وهو في العرف : من حديثة الموصل طولا إلى عبادان ، وعرضا : من العذيب بالقادسية إلى حلوان ، فيكون طوله : (١٦٠) فرسخا. وينظر : «معجم البلدان» مادة (سواد) ليعلم كم كان المسلمون يجبون من هذا السواد ، إذ بلغ في عهد أمير المؤمنين عمر إلى مئة وثمانية وعشرين مليون درهم.
(٢) المعرسانيّات : اسم موضع. أرزمت : حنّت. المطافيل : الظّباء القريبة العهد بالنّتاج. الحفّل : المجتمعة.