ومن معه من الزّيديّة ، وأخذه منها قهرا ، واستولى على حضرموت كلّها ، وأرسل بعيسى بن بدر إلى عند الإمام ، ثمّ انكفأ على آل همّام ويافع الّذين بالشّحر وحضرموت ، فأخرجهم من القلاع ، وسلّمها للزّيديّة ، واستهان بالسّادة ، فعند ذلك عزمنا) ... ثمّ استاق (الرّحلة) إلى آخرها.
توفّي الحبيب عليّ بن أحمد بعينات سنة (١١٤٢ ه) (١).
وخلفه على المنصبة ابنه أحمد بن عليّ بن أحمد ، وكان مضيافا يذبح كلّ يوم ستّا من الأغنام ، سوى ما يذبحه للواردين ، وله ولوع شديد بالقنص ، وكان كريما شفيقا ، حتّى لقد غضبت عليه زوجته أمّ أكبر أولاده بنت آل يحيى من زواجه بغيرها ، وأبت أن تعود إلّا بمئة دينار ، ولمّا حصّلها .. آذنهم فعملوا ضيافة عامّة دعوا إليها أهل عينات أجمعين ، فبينا هو ذاهب إليهم .. سمع امرأة تقول من حيث لا تراه : نحن جائعون عارون ولا عيد لي ولا لأيتامي ، وأحمد بن عليّ بايدفع لبنت آل يحيى مئة دينار!!
فظهر عليها ورماها بالصّرّة ، وقال لها : حلال لك حرام على بنت آل يحيى.
فامتنعت من قبولها لعلمها بالمهمّة ، فلم يأخذها منها ، وبعث لآل يحيى بالاعتذار ، فعظم الأمر عليهم وأخبروا بنتهم ، فقالت : إنّي لأعلم أنّه لا يخلف وعدا ، ولا يبيت على جنابة ، ولا يأكل إلّا مع ضيف ، ولن يتأخّر إلّا لمهمّ. وبحثت عن الواقع حتّى عرفته ، فذهبت هي وأولادها إليه ، فكاد يجنّ جنونه من الفرح ؛ لأنّه بها مغرم ، وشكرته على صنيعه ، وقالت له : إن لم تزر .. زرناك.
وقد ترجمه الجنيد في «النّور المزهر» توفّي سنة (١١٧٧ ه) ، وفي «شمس الظّهيرة» أنّ وفاته كانت في السّجود وهو يصلّي الظّهر (٢).
__________________
(١) أخبار الحبيب علي بن أحمد في «البستان» (٢٠ ـ ٣٨).
(٢) ترجمته الواسعة المستفيضة في «بستان العجائب» (٣٨ ـ ٧٦) ، وذكر أن وفاته ليلة الإثنين سلخ جمادى الأولى سنة (١١٧٧ ه) ، توفي بعد أن صلى سنة العشاء القبلية ثم أمر المؤذن أن يقيم الصلاة فأقام ثم جلس وهلل وخرجت روحه. وفي «تراجم الشجرة» : أنه توفي ساجدا في صلاة الظهر. والله أعلم.