بهديّة تافهة إلّا أنّها ملوّنة ، فعزم على يافع أن لا يأخذوا شيئا فانتهوا ، وكذلك الحال كان في العام الّذي بعده. توفّي سنة (١٢١١ ه) (١).
وخلفه ابنه أحمد بن سالم ، وكان كثير الخيرات والمبرّات ، وفي أيّامه كان وصول الوهّابيّة إلى حضرموت بطلب من بعض السّادة وآل كثير ، ولم يكن لهم عسكر كثير ، وإنّما كانوا ينشرون دعوتهم فيستجيب لهم النّاس ، وكان ممّن استجاب لهم : آل عليّ جابر بخشامر غربيّ شبام ، وبعض السّادة ، وبعض آل كثير ، وعبد الله عوض غرامة بتريم. فتمكّنوا بذلك من هدم القباب وتسوية القبور.
ولمّا علم الحبيب أحمد بن سالم بوصولهم إلى تريم .. استدعى منصب آل الحامد السّيّد سالم بن أحمد بن عيدروس ، واتّفقوا على الدّفاع عن عينات. واستدعى الحبيب أحمد من أطاعه من يافع وآل تميم ، والحبيب سالم من أطاعه من الصّيعر والمناهيل.
ولمّا علمت الوهّابيّة وغرامة بذلك .. كتب الأخير كتابا للمنصبين يقول لهم فيه : (إنّ ابن قملا وصل بقوم ـ ما تعقل ـ من القبلة ، وقصدهم دخول عينات ، وإن دخلوا .. بايخربون قباب مشايخنا ومناصبنا ، والأولى أن تصلون أنتم ويكون الاتّفاق ، واحتملوا المشقّة في الوصول ، وهذه منّا نصيحة ومحبّة وشفقة ، وما يشقّ عليكم يشقّ علينا ..) في كلام طويل (٢).
وكانوا يعرفون محبّته وموالاته لهم فاطمأنّوا بكتابه ، فوصلوا إلى تريم ، وألقوا عليهم القبض ، وألقوهم تحت المراقبة ، وأرسلوا العسكر إلى عينات ، وقالوا لأهل عينات : إن أحدثتم أدنى أمر .. بعثنا لكم برؤوس المناصب. فتركوهم يفعلون ما شاؤوا ، وخافوا منهم خوفا شديدا ، وكلّفوهم غرامة شديدة دفعوا فيها حليّ نسائهم (٣).
__________________
(١) ترجمته وأخباره في «البستان» (٧٧ ـ ٩٠).
(٢) ولو لم يكن من غرامة من الغدر والخيانة إلا هذه .. لكفته.
(٣) تنظر التفاصيل في «البستان» (٩٧ ـ ٣٠٣).