أتى (١) مصلّاه فوقف فيه ، فخرجت حتى أتيت أبي ، فأعلمته ، فكذّبني وقال : لا يسمعن هذا منك أحد ، فقلت : قد والله كان ذلك ، فأرسل إلى عبد الله بن الزبير : أكان ما ذكر عبد الله؟ قال : نعم ، زوجته أم حكيم ، فقال لي : هذا مال لك عندي ورثته من أمك ، وهو عشرون ألف درهم ، فاحمله إليها ، ففعلت ، فأرسل إليّ عمي عبد الله ، فجئته ، فقال : ألم تعدني الخير من نفسك؟ قال : قلت : بلى ، قال : فما حملك على أن بعثت إلينا بمال؟ لو أردت المال لوجدته عند غيرك ، ـ يريد معاوية ـ احمل مالك ، فلا حاجة لنا فيه. قال : فرجعت بالمال إلى أبي.
وكانت أم حكيم بنت عبد الله قالت لأبيها : لم تؤثر بنيك بالنحل علينا؟ وبناتك أحق بالأثرة لضعفهنّ؟ أترى بنيك يؤثروننا على نسائهم؟ فقال لها : لا أفعل بعدها. فقال عمي مصعب بن عبد الله وكانت أم حكيم أحب ولد عبد الله إليه.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن كادش السلمي ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين ، أنا الفرج المعافى بن زكريا (٢) ، نا أبو النضر العقيلي ، وهو أحمد بن إبراهيم ، نا محمّد بن زكريا الغلابي ، نا عبد الله (٣) بن محمّد عن أبيه ، قال الغلابي : وحدّثني العتبي عن أبيه ، قالا : دخل عبد الله بن عروة بن الزبير ، قال : ابن عائشة وأمه بنت المغيرة بن شعبة على هشام بن عبد الملك وقد كان إبراهيم بن هشام أضرّ به وهو على المدينة. فقال له عبد الله : يا أمير المؤمنين ، إنك قد ولّيت خالك ما بين المدينة إلى عدن فلم يمنعه كثير ما في يده من قليل ما في أيدينا (٤) إن نازعته نفسه اختلاس ما في اختلاسه هلكنا (٥) فانشدك الله يا أمير المؤمنين أن تصل رحما بقطيعة أخرى ، فو الله ما سخّى بأنفسنا عن الأموات إلّا ما كفّ وجوه الأحياء ، ولأن نموت مرفوعين أحبّ إلينا من أن نعيش مخفوضين. فقل هشام لعبد الله : إنه لا سلطان لخالي عليك بعد يومك هذا. فقال له عبد الله : فإن قال نقول ، وإن مدّ يده مددنا بأيدينا؟ قال : نعم ، فقال عبد الله لأخيه يحيى : قل ، فجثا بين يديه ثم قال :
__________________
(١) كتبت على هامش م.
(٢) الخبر في الجليس الصالح الكافي للمعافى بن زكريا ٤ / ٢١٣.
(٣) في الجليس الصالح : عبيد الله.
(٤) بالأصل : «أيدينا عنه نفسه» صوبنا العبارة عن م والجليس الصالح.
(٥) في الجليس الصالح : هتكنا.