الشافعي ، أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان ، نا أبو بكر محمّد بن عيسى بن عبد الكريم ، أنا أحمد بن محمّد بن عبد الرّحمن الجلي ، نا العباس ـ هو ابن أحمد المستملي (١) ـ نا عبدة بن سليمان ، أخبرني الخليل بن بكير ، عن أشعث (٢) بن شعبة ، عن رجل عن عبد الله بن عون :
أما بعد ، فاتّهم الشيطان على دينك ، واحذره على نعمة الله عليك أن يفتنك كما أخرج أبويك من الجنّة ، فإنّه عدوّ مضلّ مبين ، عدوّ للحقّ ، وليّ للباطل ، قاعد بصراط الله المستقيم يصدّ عن صراط (٣) الجنّة ويدعو إلى سبيل النار ، وقد صارع كلّ خصلة من الطاعة شهوة من المعصية ، وكل شريعة من الهدى شريعة من الضلالة ، حريص على أن يصدق ظنه وأن يكثر نفعه ، من هنالك سال النظرة إلى الوقت المعلوم. اعلم أنه يعرض الشهوات على العبّاد كلّها ، والمعاصي صغيرها وكبيرها كما عرض على عبد بابا من الحرام ، فلم يوافق شهوته ، ولم يطع فيه عرض عليه آخر حتى يصادف هواه فيستهويه عند ذلك ويتركه حيران لا يدري أين يتوجه ، كلّما ملّ العبد شهوة من الحرام أطرفه أخرى ، وأخبره أنه قد تاب من الأولى. كلما حلق (٤) في عينه باب من أبواب المعاصي جدّد له آخر وزيّنه له ، فهو يعلّل العبد بالشهوات ، ويعده بالغرور ويلهيه بالأماني والأمل كما يعلل الصبي حتى يقذفه في النار ، ثم يتبرأ منه.
أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي ، وأبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، قالا : نبأ أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا (٥) أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (٦) ، أنبأ أبو سعيد الصيرفي ، نا محمّد بن عبد الله بن أحمد الصفّار ، نبأ ابن أبي الدنيا ،
__________________
(١) الأصل : السماني ، والمثبت عن ل.
(٢) بالأصل ول : أشعب ، آخره باء موحدة ، خطأ ، والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في تهذيب الكمال ٢ / ٢٧٤.
(٣) الأصل : صراط الله الجنة. والمثبت عن ل والمختصر ١٣ / ٢٢١.
(٤) كذا بالأصل ول ، وفي المختصر : «غلّق» وفي المطبوعة : خلق.
(٥) فوقها في ل : ملحق.
(٦) بالأصل : البغدادي ، والمثبت عن ل ، والسند معروف ، وزيد في ل بعدها : إلى.