أكثر من مسيرة يوم فى يوم ، مشتبكة البساتين والباغات (١) كلها فواكه ، وفيها البندق الجيد أجود من بندق سمرقند ، وبها شاهبلّوط (٢) أجود من شاهبلّوط الشام ، ولهم فاكهة تسمى الروقال فى تقدير الغبيراء ، وله نوى حلو الطعم إذا أدرك ، وفيه مرارة قبل أن يدرك ، وأما الشاهبلوط فإنّه على تقدير نصف جوزة سوداء ، يقارب طعمه طعم البندق والرطب (٣) ؛ وببرذعة تين يحمل من لصوب ، يفضّل على جنسه ، ويرتفع من الابريسم شىء كثير يربى على توت مباح (٤) لا مالك له ، ويجهّز منه إلى فارس وخوزستان شىء كثير (٥) ، وعلى ثلث (٦) فرسخ من برذعة نهر الكرّ ، وبنهر الكر السرماهى الذي يحمل إلى الآفاق مالحا ، ويرتفع من نهر السكر سمك يسمى (٧) الزراقن والعشوبة ، وهما (٨) سمكان يفضلان على أجناس السمك بتلك النواحى ، وعلى باب برذعة ـ يسمى باب الأكراد ـ سوق يسمى الكركى ، مقدار فرسخ فى فرسخ يجتمع فيه الناس كل يوم أحد ، وينتابه الناس من كل مكان حتى من العراق ، وهو أكبر من سوق كولسره ، وقد غلب على هذا اليوم لدوامه اسم (٩) الكركىّ ، حتى إن كثيرا منهم إذا عدّ أيام الجمعة قال السبت والكركى والاثنين والثلاثاء حتى يعدّ أيام الجمعة ، وبيت ما لهم فى المسجد الجامع على رسم الشام ، فإن بيوت أموال الشام فى مساجدها ، وهو بيت مال مرصّص السطح وعليه باب حديد ، وهو على تسعة أساطين ، ودار الإمارة بجنب المسجد الجامع فى المدينة والأسواق فى ربضها ؛ وأما باب الأبواب (١٠) فإنها مدينة على البحر ، وفى وسطها مرسى للسفن ، وبين هذا المرسى وبين البحر قد بنى
__________________
(١) جمع باغ والباغ هو البستان (راجع تاج العروس).
(٢) هو المعروف بالكستنا (تاج العروس) وهو المعروف بمصر أبو فروة.
(٣) فى ا ، ب ، ج : البندق الرطب وكذلك B.
(٤) فى ا : مستحدث من توت مباح. (٥) فى ا جهازا واسعا
(٦) فى ا : وعلى فرسخين وأقل وحقق دى جويه هذه النقطة راجع هامش ص ١٨٣ من م.
(٧) فى ا : يقال له (٨) زيادة عن ا.
(٩) فى ا : يوم.
(١٠) هنا تختلف ا عن بقية المخطوطات فيجرى النص كما يأتى : وأما باب الأبواب فإنها مدينة على البحر بعضها ، وباب الأبواب على بحر طبرستان ، وهى مدينة أكبر من أردبيل ، ولهم زروع كثيرة وثمار قليلة ، إلا ما يحمل إليهم من النواحي ، وهى مدينة عليها سور من حجازة ممتدة من الجبل طولانية ، ذات منعة لا مسلك على جبلها إلا من ناحية المسلمين ، لدروس الطريق وصعوبة المسلك من بلاد الكفر إلى بلاد المسلمين ، ومع طول السور قد مد قطعة من السور فى البحر شبه أنف طولانية ، لتمنع من تقارب السفن من السور ، على أنها محكمة البناء وثيقة الأساس من بناء أنوشروان ، وهى أحد الثغور الجليلة ، كثيرة الأعداء لذين قد حفوا بها من أمم شتى وألسنة مختلفة وعدد كثير ، وإلى جنبها جبل عظيم يعرف بالذئب يجمع منه حطب كثير فى كل سنة ، ليشعلوا فيه النار إن احتاجوا إليه ، ينذرون أهل أذربيجان وأرمينية من عدوان دهمهم ، وربما أصاب ماء البحر سور هذه المدينة ، ويقال على هذا الجبل الممتد الذي عليه باب الأبواب نيف وسبعون لغة لا يعرف الجار لغة جاره لاختلاف الألسن ، وكانت الأكاسرة يهمها أمر هذا الثغر ، لعظم خطره وجلالة مقداره ، فأقامت لهذا المكان حفظة من ناقلة بلدانهم وثقاتهم لحفظ ذلك ، وأطلق لهم عمارة ما قدروا عليه بلا كلفة للسلطان ، وأتيح لهم ذلك حرصا منهم على عمارة هذا الثغر وصيانته من أصناف الكفرة فممّن رتبوا هناك لحفظه أمة يقال لها طبرسران وأمة تعرف بفيلان واللسكران والليران وشروان وغيرهم ، ووكل كل صنف من هؤلاء بحفظ مركز من تلك المراكز ، على أن فيمن قد أسميناهم العدد والكثرة فرسانا ورجالة وهذه المدينة أعنى الباب فرضة البحر من الخزر والسرير واللان وسائر بلدان الكفر كشنذان وخيزان وكرج ورقلان وزريكران وغميك وهى أيضا فرضة جرجان وطبرستان والديلم ، ويرتفع منها ثياب كتان ، وليس بأرميبية والران وأذربيجان ثياب كتان إلا بها ، وحواليها