فى دار يعقوب بن الليث ، وداخل المدينة بين باب كركويه وباب نيشك بنيّة عظيمة تسمى أراك (١) ، كانت خزانة بناها عمرو بن الليث ، وأسواق المدينة الداخلة حوالى المسجد الجامع ، وهى أسواق على غاية العمارة ، وأسواق الربض أسواق عامرة أيضا ، منها سوق يسمى سوق عمرو ، بناه عمرو بن الليث وقفه على المسجد الجامع والبيمارستان والمسجد الحرام ، وغلة هذه السوق فى كل يوم نحو ألف درهم ، وفى المدينة الداخلة أنهار ، منها نهر يدخل من الباب العتيق ، والثانى من الباب الجديد ، والثالث يدخل من باب الطعام ، ومقدار هذه الأنهار إذا جمعت ما يدير الرحى ، وعند المسجد الجامع حوضان عظيمان ، يدخلها الماء الجارى ويخرج ويتفرّق (٢) فى بيوت الناس وسراديبهم ، ومعظم دور المدينة والربض فيها ماء جار وبساتين ، وفى ربضها أنهار تأخذ منها هذه الأنهار التى تدخل المدينة ، والسوق ممتد من باب فارس من المدينة إلى باب مينا متصل (٣) نحو نصف فرسخ. وأرضها سبخة ورمال ، وهى حارة بها نخيل ولا يقع بها ثلوج ، وهى أرض سهلة لا يرى فيها جبل ، وأقرب جبالها بناحية فره ، وتشتد رياحهم وتدوم ، حتى إنهم قد نصبوا عليها طواحين (٤) يديرها الهواء ، وتنتقل رمالهم من مكان إلى مكان ، فلو لا أنهم يحتالون فيها لطمّت على القرى والمدن بها ، وبلغنى أنّهم إذا أحبوا نقل الرمل من مكان إلى مكان ، من غير أن يقع على الأراضى التى إلى جانب الرمل ، جمعوا حول الرمل ، مثل الحائط من خشب وشوك وغيرهما بقدر ما يعلو على ذلك الرمل ، وفتحوا فى أسفله بابا فتدخله الريح وتطير أعلى الرمل مثل الزوبعة ، فيرتفع حتى يقع على مدّ البصر حيث لا يضرهم ، ويقال إن المدينة القديمة فى أيام العجم كانت فيما بين كرمان وسجستان ، إذا جزت دارك بحذاء راسك عن يسار الذاهب من سجستان إلى كرمان على ثلاث مراحل ، وأبنيتها وبعض بيوتها قائمة إلى هذه الغاية ، واسم هذه المدينة رام شهرستان ، ويقال إن نهر سجستان كان يجرى عليها فانقطع ، فانقلع عليها بثق كان سكر من هندمند ، وانخفض الماء عنه ومال فتعطلت ، وتحوّل الناس عنها وبنوا زرنج.
وأما أنهارها فإنّ أعظم نهر (٥) لها هندمند (٦) ، ويخرج من ظهر بلد الغور ، حتى يخرج على حدّ رخّج وبلدى الدّاور ، ثم يجرى (٧) على بست حتى ينتهى إلى سجستان ، ثم يقع فى بحيرة زره ، وزره هذه بحيرة يتسع الماء فيها وينقص على قدر زيادة الماء ونقصانه ، وطولها نحو ثلاثين فرسخا من ناحية كرين (٨) ، على طريق قهستان إلى قنطرة كرمان على طريق فارس ، وعرضها مقدار مرحلة ، وهى عذبة الماء ، ويرتفع منها سمك كثير وقصب (٩) ، وحواليها كلها قرى ، إلا الوجه الذي يلى المفازة ، ونهر هندمند هو نهر واحد (١٠) من بست إلى أن ينتهى
__________________
(١) القلعة
(٢) فى م : ينصرف والتصويب عن ا
(٣) تزيد ا : متصل غير منقطع
(٤) فى ا ، C : أرحية
(٥) فى ا : أعظمها
(٦) هو المسمى هامند.
(٧) فى ا : يخرج
(٨) فى ا : كوين
(٩) هو البوص أو الغاب
(١٠) فى ا : يأخذ