ومن هذا النهر شرب محلّة راس الشّاباى (١) ، الذي فيه دور الشيخ الجليل أبى الفضل محمد بن عبيد الله (٢) ، ومنها نهر يعرف بالماجان وعليه دار الإمارة والأسواق (٣) والمسجد الجامع المحدث والحبس ، وعلى هذا النهر دار آل أبى النجم مولى آل أبى معيط ، وهي الدار التى فيها القبّة التى صبغ فيها سواد دعوة بنى العباس ، والقبة باقية إلى اليوم (٤) ، ومنها نهر يعرف بالرّزيق ومجراه على باب المدينة ، ومن هذا النهر يشرب أهل المدينة بسياق من هذا النهر إلى حياض فيها ، وعلى هذا النهر المسجد العتيق ، ومن أسفل هذا النهر قصور آل خالد بن أحمد ابن حمّاد ، الذي كان على إمارة بخارى ، ومنها نهر يعرف بأسعدى الخراسانى ، وعليه شرب محلّة باب سنجان وبنى ماهان وغيرها ، وعلى هذا النهر كانت دور مرزبان (٥) مرو ، فهذه أنهار مرو التى عليها محالّ البلد وأبنيتها ، وعلى هذه الأبنية سور يحيط بها وبهذه الأربعة أنهار ، ويحيط بهذه المدينة ورساتيقها سور آخر ، يشتمل على جميع رساتيقها يعرق بالراى ، وترى آثار هذا السور إلى هذه الغاية ، وللمدينة الداخلة أربعة أبواب : فمنها باب يعرف بباب المدينة مما يلى المسجد الجامع ، وباب يسمى باب سنجان ، وباب يسمى باب بالين ، وباب درمشكان ومن هذا الباب يخرج إلى ما وراء النهر ، وعلى هذا الباب كان (٦) مسكن المأمون ومضربه ، أيام مقامه بمرو إلى أن انتهت الخلافة إليه.
ولمرو نهر عظيم تتشعب هذه الأنهار كلها وأنهار الرساتيق منه ، ومبتدؤه من وراء الباميان ويعرف هذا النهر بمرغاب (٧) وتفسيره مرو آب (٨) أى ماء مرو ، ومن الناس من يزعم (٩) أن النهر منسوب إلى مكان يخرج منه الماء يسمى مرغاب ، ومنهم من يقول تفسير مرغ أجمة (١٠) ، ومجرى هذا النهر على مروروذ وعليه ضياعهم ، وأول حدّ هذا النهر من عمل مرو كوكين بين خوزان والقرينين ، فخوزان من مرو الروذ والقرينين من مرو ، ومقاسم هذا الماء من زرق ـ قرية بها مقسم ماء مرو (١١) ، وقد جعل لكل محلّة وسكّة من هذا النهر نهر صغير ، عليه ألواح خشب فيها ثقب (١٢) يتساوى بها الناس فى تناول حصصهم من الماء ، فإن زاد أخذ كل شرب نصيبه من الزيادة ، وكذلك إذا نقص (١٣) ، ويتولى هذا الماء أمير على حدة ، وهو أجلّ من والى المعونة ، بلغنى أنه يرتزق على هذا الماء
__________________
(١) فى ا. الشيباى (٢) ا : عبد الله
(٣) زيادة عن ا
(٤) فى ا. باقية إلى الآن وهي للشيخ الجليل أبى الفضل
(٥) حكام مرو (٦) زيادة عن ا
(٧) يسميه المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٣٣٠ : نهر المروين
(٨) زيادة عن ا
(٩) فى ا : يقول
(١٠) فى ا : مرغ اجه
(١١) فى ا : مروروذ
(١٢) قال المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٣٣٠ ص ٣٣١ (وقد أقيم لوح فيه شق على طوله فى عرض شعيرة ، ربما علا الماء فبلغ طوله فى اللوح ستين شعيرة فتكون سنة خصبة ، ويستبشر الناس بذلك ورفعت المقادير ، وإذا كانت ست شعيرات كانت سنة قحط ؛ وموضوع مقياسهم على فرسخ من المدينة شبه حوض مستدير ... ثم ينفذون الرسل إلى جميع المتولين شعب الأنهار فيقسمون الماء على ذلك المقدار).
(١٣) فى ا : ألواح خشب فيها ثقب مدورة لا يترك أحد أن يزيد فيه ويأتى كل قوم من شربهم بمقدار إن زاد الماء دخل فى ثقب الزيادة عليهم وإن نقصوا كلهم لا إيثار لقوم على قوم. وهذا النص قريب الشبه بنص ابن حوقل ص ٣١٥