زيادة على عشرة آلاف رجل ، لكلّ واحد منهم على هذا الماء عمل. وكانت مرو معسكر الإسلام فى أوّل الإسلام ، وفيها استقامت مملكة فارس للمسلمين ، لأن يزدجرد ملك الفرس قتل بها فى طاحونة زرق ، ومنها ظهرت دعوة (١) بنى العباس ، وفى دار آل أبى النجم المعيطى صبغ أول سواد لبس المسوّدة ، وفيها جاءت المأمون الخلافة وظهر على أخيه محمد بن زبيدة ، ومنها عامة قواد الخلافة وكتّابها بالعراق وولاة خراسان ، ومنها أئمة من الفقهاء وأهل الأدب معروفون ، ولو لا أنّا بنينا كتابنا على التجوّز (٢) ـ وأنّ الذي تركنا شرحه هو معروف فى الأخبار والكتب المؤلفة ـ لشرحنا من طبقات الناس وسائر ما أجملنا ذكره ؛ وفى أيام العجم كانوا مقدّمين من بين نواحى أبرشهر فى الطبع والتأدّب ، حتى كان طبيبهم المعروف ببرزويه مقدما على سائر أطباء العجم ، وملهيهم المعروف بالباربد مقدما على سائر من صاغ الألحان وتعاطى الملاهى ، ثم هى من أطيب بلاد خراسان أطعمة ؛ أما خبزهم فليس بخراسان أنظف خبزا وألذ طعما منه ، حتى إنّ اليابس من فواكهها من الزبيب وغير ذلك يفضّل على سائر الأماكن ، وإنما يذكر من هراة الكثرة ، وأنه يكثر فى الآفاق ، فأما الطعم والجودة فإن المروزىّ يفضله ، ومن صحة فواكههم أن البطيخ يقدّد ويحمل إلى الآفاق (٣) ، ولم أعلم هذا يمكن ببلد غيره. وبلدهم من النظافة وحسن الترصيف وتقسيم الأبنية والمحالّ فى خلال الأنهار والغروس وتمييز أهل كل سوق من غيره بحيث يفضل سائر مدن خراسان فى حسنه ؛ وفى مفازتهم يكون الأشترغاز الذي يحمل إلى سائر الدنيا ، ويرتفع من مرو الابريسم والقزّ الكثير ، وبلغنى أن أصل الابريسم بجرجان وطبرستان إنما نقل فى القديم من مرو (٤) ، وربما حمل من بزر دود القز منها إلى طبرستان ، ومنها يرتفع القطن الذي ينسب إليه القطن اللّين والثياب التى تجهّز إلى الآفاق ؛ ولها منابر قديمة وحديثة (٥) ، فبمرو منبران ، وبكشميهن منبر ، وبهرمزفرّه منبر ، وبسنج منبر ، وبجيرنج منبر ، وبالدّندانقان منبر ، وبالقرنين منبر ، وبباشان منبر ، وبخرق منبر ، وبالسّوسقان منبر ، فهذه منابر مرو التى أعرفها (٦).
أما هراة فإنها اسم المدينة ولها أعمال ، ومن مدنها مالن وخيسار واستربيان وأوفه وماراباذ وباشان وكروخ وخشت. وبأسفزار أدرسكر وكواران وكوشك (٧) وكواشان (٨) ، وأسفزار اسم للكورة لا اسم مدينة ، ومدنها هذه الأربعة التى ذكرناها. وأما هراة فإنها مدينة عليها حصن (٩) وثيق ، وحواليها ماء ، وداخلها مدينة عامرة ، ولها ربض ، وفى مدينتها قهندز (١٠) ، والمسجد الجامع فى مدينتها ، ودار الإمارة خارج الحصن بمكان يعرف
__________________
(١) فى ا ، C D E : دولة
(٢) الاختصار والأغفال.
(٣) هكذا فى ا وفى ابن حوقل ص ٣١٦ وفى المخطوطات C D E التى اعتمد عليها دى جويه ص ٢٦٢ وفى م : العراق
(٤) فى ا : على قديم الأيام وقع من مرو إلى هذه الغاية وهذا النص يشابه ما ذكره ابن حوقل ص ٣١٦
(٥) فى ا : بعضها قديم وبعضها محدث
(٦) ترتيب الأسماء فى ا يختلف عن ب ، ج ، م واتبعنا الترتيب المذكور فى م
(٧) فى ا : كوسد
(٨) فى ا. خراشان
(٩) هكذا فى ا ويؤيده قوله بعد : ودار الإمارة خارج الحصن أما فى م : سور وفى C D : حصار وهو بمعنى حصن
(١٠) هكذا فى ا ويؤيده D C E من مخطوطات دى جويه أما فى م : قلعة