ينتهى إلى حصن على البحر يسمى عيذاب ، ويسمى مجمع الناس بهذا المعدن العلّاقى (١) ، وهو رمال وأرض مبسوطة لا جبل بها ، وأموال هذا المعدن ترتفع إلى أرض مصر ، وهو معدن ذهب لا فضة فيه ، والبجة قوم يعبدون الأصنام وما استحسنوه ، ثم يتصل ذلك بأرض الحبشة وهم نصارى ، وتقرب ألوانهم من ألوان العرب بين السواد والبياض ، وهم متفرقون فى ساحل هذا البحر إلى أن يحاذى عدن ، وما كان من النمور والجلود الملمّعة وأكثر جلود اليمن ـ التى تدبغ للنعال ـ تقع منها إلى عدوة اليمن ، وهم أهل سلم ليسوا بدار حرب ، ولهم على الشط موضع يقال له زيلع ، فرضة للعبور إلى الحجاز واليمن ، ثم يتصل ذلك بمفازة بلد النوبة ، والنوبة نصارى ، وهى بلدان أوسع من الحبشة ، وبها من المدن والعمارة أكثر مما بالحبشة ، ويخترق نيل مصر فيما بين مدنها وقراها ، حتى يتجاوز ذلك إلى رملة من أرض الزنج ، ثم يتجاوزه إلى برارى يتعذر مسلكها ، ثم ينتهى هذا البحر حتى يتصل بأرض الزنج مما يحاذى عدن ، إلى أن يمتد على البحر وتتجاوز محاذاتها جميع حدّ الإسلام ، ويدخل فيما حاذى بعض بلدان الهند لسعته وكثرته ، وبلغنى أن فى بعض أطراف الزنج صرودا فيها زنج بيض ، وبلد الزنج هذا بلد قشف قليل العمارة قليل الزروع ، إلا ما اتصل بها من مستقر الملك.
__________________
(١) ورد فى البلدان لليعقوبى (ليدن سنة ١٨٩١) ص ٣٣٤ عن هذا الموضع ما يأتى :
ووادى العلاقى كالمدينة العظيمة به خلق من الناس وأخلاط من العرب والعجم أصحاب المطالب ، وبها أسواق وتجارات ، وشربهم من آبار تحفر فى وادى العلاقى ، وأكثر من بالعلاقى قوم من ربيعة من بنى حنيفة من أهل اليمامة ، انتقلوا إليها بالعيالات والذرية ، ووادى العلاقى وما حواليه معادن للتبر ، وكل ما قرب منه يعتمل فيه الناس ، لكل قوم من التجار وغير التجار وغير التجار عبيد سودان ، يعلمون فى الحفر ثم يخرجون التبر كالزرنيخ الأصفر ثم يسبك.