ثم صعد سعادته إلى الرواق الأعلى وهو أضيق من الرواق التحتي ، فتعجب السيد من إتقان بنائه المحكم ، ومن اتساعه (١) الذي يبلغ نحو ٩٠٠ قدم ونيف ، ومع اتساعه (٢) وعلوه لا يستند سقفه إلى عمد.
ثم سار إلى قاعتي فيكتوريا وألبرت. فواحدة منهما معدّة للمرضى الرجال والثانية معدّة للأطفال. ومن هناك خرج إلى المنظرة التي تشرف على نهر التيمس ودار البارلمنت. وبعد أن تفقد مخادع المرضى ، ورأى ما هي عليه من السّعة والنّظافة وحسن الترتيب سرّ بذلك غاية السّرور ، وقال : " ما هذه دار مرضى ، بل منازل تباري قصور الملوك! "
ثم التفت واحد من وزرائه إلى مدير المستشفى ، وقال له : " لابد من نفقة وافرة للقيام بأعباء هذا المستشفى العظيم". قال المدير في جوابه : " يبلغ دخل الدّار ٣٠٠٠٠ ليرة في السنة ، وكلها تنفق في سبيل الله".
وفيما كان السلطان ـ أعزّه الله ـ مارّا بمخادع المرضى كان المصابون ينظرون إليه بأعين الارتياح والسرور ، وروح المحبة (٣) تشفّ عن وجوههم التي قد علاها الصفار وشوهها السّقام.
وما زاد سعادة السلطان سرورا كان ما نظره من أصناف الملاعب التي يحضرها خدّام المستشفى لتسلية الأولاد والأطفال المرضى ، فالتفت السيد إلى سار فرنسيس هيكس ، وأثنى على هممه الخيرية ، وحسن سعيه في الاستحضار على كل ما يخفف (٤) على المرضى والمصابين أثقال أسقامهم ، وقال : " لا جرم (٥) أن هذه حسنة كبرى عند الله (٦) ".
__________________
(١) أ : وسعه
(٢) أ : ومع فساحة وسعه
(٣) أ : الحيوة
(٤) ب : تزويد المستشفى بكل ما يخفف
(٥) ب : لا عجب
(٦) أ : في عين الله