" إن لزنجبار أهمية عظمى في الحال والاستقبال لنجاح أفريقية كلها ، فإنّ هذا كله منوط بإرادة السيد برغش ، وقاه الله. ومن دون حسن إرادته لا يتيسر لأحد أن يبادر لاصلاح تلك القارة وتهذيب قومها. وزد على ذلك أن أراضي زنجبار لا مثيل لها في خصب التربة على سطح البسيطة بأسرها. وأول من عني في ادخال الاصلاح والتمدن في زنجبار كان والد (١) السيد برغش المغفور له. ولما كان الولد سر أبيه حذا السيد برغش حذو والده وأفرغ همته في إكمال ما كان قد باشره والده المغفور له".
" ومما لا قدرة لنا على إنكاره هو أنّ بلاد الإنكليز في احتياج عظيم إلى بعض محاصيل زنجبار ، فإنها أعظم بندر في الدنيا لتجارة العاج (سن الفيل) ، ولتجارة القرنفل ، والصمغ ، والسكر ، والقطن ، إلى غير ذلك. ولنا أن نقول قولا لا يخشى عليه من منكر أن غلال زنجبار وتجارتها لا حدّ لها ولا نهاية. والأنهر التي تسقي أراضيها قد عني بتعميقها ، وصارت تصلح لسير السفن. وقد صرف السلطان ـ أيده الله ـ همته إلى فتح الطرقات في داخل الجزيرة لتسهيل الأسفار ونقل الأموال. ولنا ثقة تامة في همم سعادته العلية ألا يألو جهدا في (٢) إتمام ما باشر من أجل خير المملكة ، ونفع العالم أجمعين". فهتف حينئذ جميع الحاضرين ، وقالوا : " أيد الله سعادته السيد سلطان زنجبار! وحفظه في عين الدنيا طويلا ليرى بعينيه نجاح بلاده ورسوخ ملكه على دعائم العزّ والإقبال! آمين".
ثم أوعز سعادة السلطان إلى حضرة باجر الفقيه أن يشكر لأولئك السادات لطفهم ومكارمهم. فنهض الفقيه المومأ إليه ، وقال : " قد أوعز إليّ السلطان أن أعرب لكم ـ أيها السادات الكرام ـ عمّا في نفسه من الشكر الجميل لأفضالكم. ولكن قلت له : إن من عادتنا ـ نحن معشر الإنكليز ـ إذا أراد خطيب أن يخطب في قوم ، وكان بينهم من السيدات الكريمات ، وجب عليه أن يوجّه خطابه أوّلا إلى السيدات قبل الرجال ، فما رأيك أيها السلطان في هذا
__________________
(١) أ : أبا
(٢) أ ، ب : من