قنص الفيل وقلع أسنانه وإخراج عظمه للتجارة ولعمل الأواني العاجية من دون قتله. وإن اعترض علينا ، وقال : " إن الإبقاء على (١) الأفيال خير من التجارة بأسنانها وعظامها" ، قلنا له : " حرّم أوّلا على أمتك اتخاذ العاج قلما (٢) للتجارة ، فتكسد سوقه ، ويكف الإفريقانيون عن قنص الأفيال وقتلها". فلما ترجم الفقيه باجر كلام سعادة السلطان وأملاه على رؤوس الحاضرين أفرطوا من الضحك والسرور ، وهتفوا بأعلى أصواتهم ، وقالوا : " نعم الجواب ما أجاد به السيد برغش الهمام! فإن وجد الناس طريقة سهلة جديدة لقنص الأفيال ، واستخراج عظامها دون قتلها ، تمكنوا من استخدام الأفيال بمنزلة عجلات ومركبات لنقل الأموال عليها. ولكن هيهات! فإن إخراج عظم حيوان ، والإبقاء على حياته ضرب من المحال". فقهقه الحاضرون ضحكا من ذلك.
ولما فرغوا من الضحك استأنف سار رولنسن كلامه ، وقال : " أيتها السيدات المصونات ، ويا أيها السادات الكرام ، قد حقّ علي أن أطلب اليكم أن ترفعوا أصواتكم ، وتدعوا لسعادة السلطان بطول البقاء والإقبال ، وتشكروا لسعادته تشريفه هذا المحفل الشائق بحضوره الجليل. وبما أنه عازم على الإياب إلى أوطانه السعيدة عن قريب بالسلامة يجب على كل من حضر هذا المحفل ، وعلى كل من افتخر بكونه إنكليزيا أن يشيع سعادته بسلام ، ويصحبه بقلبه وعواطفه وحبه إلى زنجبار ، ويتمنى له ولملكه تمام النجاح والإقبال. آمين".
وفي أثناء ذلك نهض السيد برغش في حشمه وصافح زعيم المحفل سار رولنسن وباقي رجال عمدة الجمعية. وانصرف إلى منزله سالما غانما وذكر ذلك المحفل العلمي مطبوع في صحائف فؤاده اللبيب.
__________________
(١) ب : استحياء
(٢) ب : سبيلا