ولما درى (١) قوم من الأعيان أن سعادته السلطان عازم على الذهاب إلى ويليج سبقوه إلى هناك طمعا في أن يشاهدوا سعادته. وانتخبوا لأنفسهم محلات تمكنهم من مشاهدة سعادة السلطان بسهولة. ولما كانت الساعة الثانية بعد الظهر وصل السلطان في حشمه إلى معمل الأسلحة وكانت فرقة من الجنود مصطفة على باب مسبك المدافع في سلام سعادته. ثم خرج لورد يوستاس سيسيل والماجيور جنرال سار ادى مدير المعمل والكولونيل كمبل والماجيور متلند ومستر كينك ولاقوا سعادة السلطان بالترحاب والسرور ، وكان في معيته وزراؤه وحضرة باجر الفقيه والدكتور كيرك ومستر كليمنت هيل وأدخلوهم إلى قاعة الاستقبال.
وبعد أن استراح السيد وحشمه برهة من الزمان ، ساروا به إلى أماكن الشغل فدخلوا أولا مخدعا واسعا كان فيه حديد مخروط معدّ لعمل المدافع وأخذ المدير يشرح لسعادة السيد عن طريقة استحضاره. ولما كان السيد ـ أعزه الله ـ ممن يحب الصنائع والفنون سرّ غاية السرور بكل ما كان يسمعه من المدير. ثم خرجوا من هناك ودخلوا الحجرة التي فيها المطرقة العظيمة التي يحركها البخار بقوة خمسين طن (طولوناطة) (٢). وكانت هذه المطرقة المهولة ترتفع ، وتنحط بقوة ترتج من تحتها الأرض ، وتطرق أنبوبا محمّى (٣) بالنار ، معدّا لعمل مدفع ثقله واحد وثمانون طنا. وكان ذلك أعظم مدفع عمل في الدنيا. وكانت المطرقة تنقضّ عن علو ١٢ قدما بخفة وسرعة على ذلك الجبل المعدني الخارج من أتون النار المتأججة انقضاض الصاعقة على جبل من مغناطيس ، مع أن ثقلها كان نحو أربعين طنا. وكانت كمّاشة (كلّبتان) من حديد معلقة في الهواء بأوائل (٤) تديرها قوة البخار ، يبلغ كبرها ٥٠ ضعف كماشات القدماء. وكانت هذه الكماشة تقبض على أنبوب المدفع من تلقاء ذاتها ، وتقلبه تحت ضربات المطرقة لإتقان هندامه.
__________________
(١) ب : علم
(٢) طن : تعريب فصيح لكلمةTonne أما طولوناطة وطرناطة فهي تعريب عامي
(٣) ب : محميا
(٤) ب : بآلات