الرزق واكتساب المعاش وحشد الأموال. ومنهم من طمع منها بنوال الفخر والأمجاد ، كقول حسن بن علي الطائي (١) : (البسيط)
إنّ العلى حدّثتني (٢) وهي صادقة |
|
فيما تحدّث أنّ العزّ في النّقل |
لو أنّ في شرف المأوى بلوغ منى |
|
لم تبرح الشمس يوما دارة الحمل |
ومنهم من عمل الرّكاب ، وطاف ما أمكنه الوصول إليه من بقاع الأرض بالسياحة حتى يشاهد حال البلدان والدّول في الحال ، ويثبّته في مؤلفات جديدة يوضّح فيها ما شاهد من رحلاته ، ولا يبالي بمشقات السفر وعوارض الاغتراب والبعد عن الأهل والوطن. كل ذلك له نفاسة (٣) ما هو فيه من خدمة أبناء عصره بتحقيق أخبار البلاد الشاسعة حتى يصير هذا الاغتراب عن الأهل والأتراب ديدنا له لا يتناءى (٤) عنه ويقضي فيه حياته ، ويقول مصعب العقلى : (الطويل)
إذا كان أصلي من تراب فكلها |
|
بلادي وكل العالمين (٥) أقاربي |
ولهذا قد تصدّى كثير من متبصّري المسلمين والفرنجة (٦) من أهالي أوروبا وغيرها للسياحة (٧) لإفادة أبناء جنسهم عن (٨) أحوال الأمم التي لم تكن على نحو مألوفاتهم ، وبذلك يتحققون معنى سعة أرض الله وكثرة جنود ربك واختلاف ألوان الناس وألسنتهم ، ويخلّدونها في بطون الأوراق لإفادة أمم جميع الآفاق.
__________________
(١) أ ، ب : الحسين وهو : الحسن بن علي الطائي (٤١٢ / ١٠٢١ ـ ٤٩٨ / ١١٠٥) فقيه شاعر لغوي ، من تصانيفه : المقنع في شرح كتاب ابن جنّي. كحّالة : معجم ٣ / ٢٦٢.
(٢) أ ، ب : حدّثني ، والصحيح ما أثبتنا
(٣) أ ، ب : بنفاسة
(٤) أ : يتناء ، ب : يبتعد.
(٥) أ ، ب : العلمين
(٦) أ : الفرنجيين.
(٧) المقصود : الاستكشاف
(٨) أ : ساقطة ، ب : من