الباب الثاني والثلاثون
في شعائر سعادة السلطان بلندن
قد أضحت زيارات سعادة السيد برغش بلندن مما تتداوله الرواة وتسجله (١) صحف التاريخ لنفع الخلفاء. أما سعادته فقد اطلع حق الإطلاع مدة إقامته بلندن على أحوال هذه العاصمة التي لا مثيل لها في الكبر على وجه الأرض ، وعرف عوائد الإنكليز واصطلاحات هيئاتهم الاجتماعية وما هم عليه من التمدن والاستقامة. وقد انطبع في ذهنه جميع ما رآه وسمعه مدة إقامته في بلاد الإنكليز لأنه كان يراقب باهتمام عظيم كل ما كان يقع تحت نظره ، ويسأل عنه ، ويستقصي في أصوله.
وكان من عادته أن يقول : " قد أتيت بلاد الإنكليز رغبة في الإطلاع على ما فيها من أسباب الحضارة والعمران حتى أتقنها وأجعلها دستورا لي في سياسة ملكي وعمرانه". ولا جرم (٢) فإنه قد أصاب عين الصواب ، ونال الأجر والثواب ، وصار مصداقا لما قاله الحسن البصري (٣) رضي الله عنه : " من خرج من بيته في طلب باب من العلم حفته الملائكة بأجنحتها وصلت عليه الملائكة في جو السماء والسباع في البر والحيتان في البحر وأتاه الله أجر اثنين وسبعين صديقا".
ولا غرو أن سعادة السيد يود نجاح بلاده وخير رعاياه ، ويحب نشر العلوم والمعارف فيهم ، لأنه قد أدرك ما قاله محمد (عم) " إن الله ـ عز وجل ـ وملائكته وأهل السماوات
__________________
(١) أتستودعه
(٢) ب : غرو
(٣) أبو سعيد (٢١ / ٦٤٢ ـ ١١٠ / ٧٢٥) الواعظ المشهور وهم من التابعين. فصل :
Hasan al Basri : E. I. ٢ : III / ٧٤٢) Ritter (