وبعد أن أدخلوه إلى جميع محلات شغل البلور وعمل الثريات والأواني والأقداح وغيرها التفت إلى رجاله مسرورا وقال وهو يمزح : " الآن صرت أعرف كل أسرار البلور وطريقة عمله".
وفيما كان خارجا من محل الشغل كانت صبية من اللاتي يشتغلن في المحل تشتهي أن ترى سعادته وتتملى بمشاهدته ، فخطر لبالها أن تخفي نفسها وراء مصراع باب القاعة التي كان السيد سيخرج منها ، فلما دنا من الباب لاحت منه التفاتة إلى مصراع الباب ، فرأى وراءه شخصا يبص (١) بعينيه ويسترق النظر إليه ، فدرى (٢) بأن الصبية تطمع في مشاهدة سعادته. وإنما الحياء ألجأها إلى التخفي ، فدنا من مصراع الباب ، ورده قليلا حتى جعل الصبية (٣) تنظر إلى سعادته مليّا وتشفي غليلها ، وتفتخر على رفيقاتها بأنها شاهدت سلطان زنجبار أحسن من جميعهن.
ثم خرجوا بالسيد من هناك ، وساروا إلى معمل البواريد والمكاحل شغل مرتيني هنري ، وبعد أن تفرّج على طريقة عملها بأوائل (٤) البخار ، طلب مدير المعمل إلى سعادة السلطان أن يشرّفه بكتابة اسم سعادته في كتاب الزوار ، ففعل.
ثم سافروا ـ من هناك ـ إلى محل آخر اسمه أستن للفرجة على معرض أموال (٥) وبضائع مختلفة الأصناف ، وكانت الموسيقة تعزف بالألحان الرخيمة ، ولما مرّ السلطان بقربها عزفت بمقامة الدولة البريطانية.
__________________
(١) ب : ينظر
(٢) ب : علم
(٣) أ : الابنة
(٤) ب : بآلات
(٥) أموال ساقط في ب