ولما وقفت أرتال (١) السكة الحديد في المحطة ، خرج منها مستر هيل أولا ، وكلف والي البلد أن يرافقه ليدخل به إلى سعادة السلطان ، ففعل ، ودخل ، ورحّب بقدومه ، واستأذن إليه أن يخرج ، ويشرّف البلد بحضوره.
فلما خرج السلطان طفقت الموسيقة تعزف بمقامة جديدة كان قد نظمها مستر بيردهول معلم الموسيقة وسماها المقامة الزنجبارية إجلالا لسعادته. فسار السيد مصحوبا بوالي المدينة ورجاله إلى الدار المعدة له ولحشمه ، ولبثوا فيها نحو ساعتين من الزمان ليرتاحوا من تعب الطريق.
وفي غضون ذلك كان قد اجتمع أهل المدينة من الرجال والنساء والأولاد ما لا يحصى عددهم ، وملأوا الأزقة والشوارع ، وهم ينتظرون خروج سعادته من الدار ليشاهدوا وجهه الأنور. وفي أثناء ذلك كان بعض من رجال سعادته واقفين في شرفة (٢) عالية من الدار يتفرجون على الناس المجتمعين ، فرءاهم بعض من السيدات ، ورفعن مناديلهن البيضاء ، وصرن يخفقن إياها في الهواء علامة السلام على رجال السلطان ، وهن يبتسمن في وجوههن بلطف وبشاشة. فرد رجال سعادته السلام عليهن بأيديهم بأنس وحشمة.
ثم حضرت فرقة من الشرطة (٣) واصطفوا في الطريق لمنع الناس من الازدحام. ثم فرشوا طنفسة حمراء من باب دار السلطان إلى آخر الدرج حتى رصيف الزقاق. وفي أثناء ذلك أتت مركبة والي المدينة تجرها أربعة رؤوس خيل مطهمة فيها السيد ، ومركبتان أخريان لرجاله وساروا ، وهم قاصدون دار الولاية ، والشعب بازدحام يحبّذهم ، ويرحّب بقدومهم.
__________________
(١) ب : عربات
(٢) أ : مشرفة
(٣) أ : الشرطة