فلما وصل السلطان إلى دار الولاية خرج إلى لقائه والي البلد وأعوانه ، وأدخلوا سعادته قاعة الاستقبال ، وكان فيها شعب غفير من الرجال والنساء لابسات ملابس بيضاء فاخرة. ولما مرّ سعادة السلطان بين صفوفهم ، نهضن في سلام سعادته ، وسلّمن عليه بألطف تحية وسلام ، فردّ السيد السلام عليهن بأنس وبشاشة.
ثم أجلسوا سعادة السيد في صدر القاعة على كرسي مجلل بالحرير الأحمر المنقوش بالذهب كما كان يفعل قدماء الإنكليز لملكتهم اليصابات الشائعة الصيت. فلما استوى السيد على ذلك العرش تقدم والي البلد إليه ، واستأذنه بتلاوة خطاب عن لسان الأمة. فأجاب السلطان طلبته بسرور وبشاشة. فنهض حينئذ واحد من العمدة وتلا خطابا فصيحا باللغة الإنكليزية. وهذا ملخص ترجمته :
" أيها السيد الجليل والإمام النبيل ، قد حق علينا ـ نحن والي مدينة ليفربول ووجوه شعبها ـ أن نهنئ سعادتك بوصولكم إلينا بالسلامة ، ونرحب بك وبتشريفك مدينتنا في هذا النهار السعيد. فقد سررنا غاية السرور بمجيئك إلى بلاد الإنكليز لعلمنا علم اليقين أن حبك الخالص لهذه الأمة جعلك تتجشم متاعب الأسفار ، وتحضر إلينا لكي توطد علاقات هذا الحب بين دولتك وبين دولتنا البريطانية ، وتجعل مصالح الأمتين شيئا واحدا.
أما نحن ـ معشر الإنكليز جملة مع جلالة ملكتنا الفخيمة ـ فقد أضحينا ممنونين لمكارم سعادتك لأجل ما صرفته من حسن العناية إلى إبطال تجارة الرقيق وعتقهم والاهتمام بتهذيبهم (١) ، ولنا ثقة تامة في شهامة سعادتك بأن تبطل هذه التجارة الذميمة في سواحل أفريقية الشرقية كلها. ثم نؤمل أن تسرّ سعادتك بالفرجة على ما في هذه المدينة من المنتزهات (٢) والجنائن والتحف والمعامل ، وتدخر ذكرها في خزنة عقلك الراجح وتذكر محبيك المخلصين
__________________
(١) أ ، ب : في تهذيبهم
(٢) ب : المنزهات