ثم مضى الخطيب يقول : " أما ما أشرتم إليه من جري إبطال تجارة الرقيق في بلادنا فقد تجشمنا أتعابا عظيمة وخسائر باهظة ، وصرنا عرضة لأخطار مبرحة طمعا في حب البشرية ، وخير الناس ، ورضى الله ، ومؤاخاة الدولة البريطانية التي اقترحت علينا هذه الاقتراحات المهمة".
أجاب الشعب رابعا : حبّذا! حبّذا!
ثم أردف الخطيب مقاله ، وقال : " وقد ألقينا همّنا على الله ـ سبحانه وتعالى ـ في كل ما فاجأنا من المصاعب ، وتوكلنا على قدرته العظيمة ، ولنا ثقة تامة في عنايته ـ تعالى ـ أن يديم لنا التأييد والقدرة على تكميل إرادته ، وعمل ما فيه الصلاح لعباده".
" ولما كان من دأب الله ـ جلّ جلاله ـ أن لا يرسل الإمداد من السماء كما ينزل المطر على الأرض ، بل يوعز إلى القوي بمساعدة الضعيف ، فلنا ثقة به ـ تعالى ـ أن يوعز إلى دولة بريطانية القوية أن تمدّيد المساعدة إلى دولة زنجبار الضعيفة ، وتأييدها على تعميم أسباب الحضارة والعمران".
أجاب الشعب خامسا : حبّذا! حبّذا!
ثم استكمل الخطيب كلامه ، وقال : " قد شاع صيت مدينتكم ليفربول المحروسة في جميع الأقطار ، واشتهر ذكرها في الأمصار ، وذاع اسمها حتى في زنجبار. واليوم نشاهد بأعيننا عظمة هذه المدينة ، وجمالها ، وحسن مينائها ، وكثرة بوارجها وسفنها ، واتساع تجارتها ، ومجد سكانها ، ولطف أهلها ، فحقّ علينا أن نفتخر بهم ، ونقتفي آثارهم ، إذا كنا نود أن نكون من المفلحين".
" ولكن لا يكفي زنجبار أن تتشرف باستماع ذكر ليفربول فقط ، بل تحتاج إلى رجال ليفربول أن يشرفوها بما عندهم من الوسائط وأسباب العمران ، ويرسلوا إليها عمدة تجارهم ومهندسيهم وأرباب صنائعهم النفيسة فيسعون في فلاحة أراضيها الواسعة ، وإخراج ما فيها