السكر. وتعطلت الباخرة الكبيرة من شدة الصدمة ، ورجعت إلى الميناء لإصلاح ما ترك عليها من الكسر.
ثم سار السيد إلى معمل السفن ومعه السادات ليردس وبودلر. وشاهد هناك تعويم مراكب جديدة. ثم تفرج على بقية الميناء ، ورجع بالسلامة إلى منزله.
وفي مساء ذلك النهار اتخذ والي المدينة مأدبة شائقة لسعادة السلطان حضرها كثيرون من أعيان البلد وأكابرها. وفيما هم على سفرة الطعام ، نهض والي البلد وطلب (١) إلى المدعوين أن يشربوا كأس الهناء بسرّ (٢) سعادة ضيفهم الجليل سلطان زنجبار. وقال : " قد حقّ على أهل العالم المتمدّن أن يرفعوا مقام هذا السلطان النبيل ويشكروه على ما خوّل البشرية من الحرية والفلاح ، وعلى اتفاقه (٣) مع دولة بريطانيا على إبطال تجارة الرقيق في أفريقية. وأنتم تعرفون حقّ المعرفة ـ أيها السادات ـ الخسائر المالية التي حاقت بدولته من جرّاء ذلك ، والمشقات التي عاناها في الانتصار على المصاعب التي نشأت في ملكه بسبب ذلك. وهذا الفعل الحميد خلّد ذكر سعادته في تاريخ الأمم المتمدنة". (أجاب المدعوّون : حبّذا! حبّذا!)
ثم استتلى الوالي خطابه ، وقال : " لا يخفاكم ـ أيها السادات ـ كم وكم من الملايين من الليرات الذهبية أنفقت دولتنا البريطانية على تحرير الرقيق وإبطال تجارتهم من العالم! وكم وكم من السنين والأعوام صرفنا في ذلك حتى بلغنا المراد! "
" أما سعادة السيد برغش فتحمل هذه الخسائر هو وحده ، ونجح في نوال المرغوب في وقت قصير ، وصار له علينا في هذا الأمر فضل عظيم ، وقد صمم ـ بعونه تعالى ـ على صرف الهمة إلى استئصال هذه التجارة الذميمة تماما من بلاده".
__________________
(١) أ : كلف
(٢) ب : في صحة
(٣) أ : تواطئه