" وقد أحطتم علما ـ أيها السادات ـ بما في مملكة ضيفنا الجليل من الغنى والمحاصيل والمعادن والخضار الدائم وبساتين النارنج (برتقال) وغيرها من الكنوز المدفونة في تربة تلك البلاد السعيدة. وأنتم تعلمون ـ علم اليقين ـ أن إخراج هذه الكنوز الثمينة من قلب الأرض يحتاج إلى مبالغ وافرة من النقود. وقد سمعتم مرارا عديدة من فم سعادته أنه يرغب من صميم قلبه في أن يرى شعب هذه المملكة البريطانية مشمرا عن ساعد الهمّة والجدّ ومقبلا على بلاده ، وساعيا في توسيع نطاق الفلاحة والزراعة والتجارة والمعارف إلى غير ذلك. وأنا لي ثقة أكيدة في أهل ليفربول المشهورين بعلو الهمة والإقدام وفتح أبواب التجارة في الدنيا بأسرها أن يغتنموا هذه الفرصة النادرة ويفتحوا أبوابا واسعة للتجارة في زنجبار".
قال هذا والي ليفربول ، ورفع كأس المدام ، وطلب إلى المدعوين أن يحذوا حذوه ، ويشربوا أقداح الهناء بسرّ صحّة (١) سلطان زنجبار المعظم. فنهض الجميع إجلالا لسعادته ، وقالوا : " حبّذا! حبّذا ضيفنا الجليل سلطان زنجبار! "
وفي أثناء ذلك نهض السيد برغش ، وتلا خطبة فصيحة بالعربية شكر بها لوالي ليفربول مكارمه العميمة وعلى ضيافته المنيفة. ثم أوعز إلى الفقيه باجر أن يترجم خطابه إلى الإنكليزي ويتلوه على أسماع الحاضرين. فامتثل الفقيه المومأ لأمر سعادته ، ونهض ، وقال :
" أيها الوالي الأفخم كرنل ستابل ، وأنتم أيها السادات والسيدات المصونات قد أوعز إلي السيد أن أترجم لكم خطابه ، وذلك فرض علي ، فأصغوا سمعا إلى ما أفصح به ، وأجاد".
فقال : " قد رأيت في مدينتكم المحروسة أمورا ملأت قلبي حبورا ، وأيقنت منها شدة سروركم القلبي بزيارتي بلادكم السعيدة. ولكن لو تمكنتم من فتح قلبي لرأيتموه يفيض سرورا بمشاهدتكم مما يعجز عن وصفه اللسان. فما لي سوى أن أشكر لكم هذا الإكرام العظيم الذي أسديتموه إليّ بلطف لا مزيد عليه. ولا غرو ، فأنتم حقيقون بأن تفتخروا ببلادكم السعيدة ،
__________________
(١) ب : في صحة