وتتباهوا بعوائدكم الحميدة. فياليتني كنت في منزلة تحاكي منزلتكم الرفيعة حتى كنت أباريكم في الافتخار بمملكتي. ولكن شتان ما بين الثريا والثرى! (١) فإن مجد بلادكم خلقه التمدن. وقد نشأ في حضن المعارف ، وبلغ أشده في تقاريع الدهور والأعصار".
" وأما زنجبار فقد ولدت في حضن الخشونة ، وما زالت في مهد الطفولة. وكم من الأيام والأعوام يقتضي لها أن تشبّ وتكبر؟ ولكن كيف تشب وتكبر ، وليس لها من لبان المعارف قطرة؟ وكيف تتقوّى وتعتزّ ، وليس لها من قوت التمدّن شذرة؟ لكن إن احتضنتها بريطانيا احتضان الأم لولدها (٢) وأرضعتها لبان المعارف والتمدن والفلاح شبّت على طبع أمّها (٣) ، وحذت حذوها ، ورقيت (٤) أوج المعالي ، وجلست عن يمين ربيبتها (٥) واستوت على عرش العز والأمجاد".
" وقد سررت بما رأيت في مدينتكم ـ هذه ـ من العمران وتمام الحرية. ولكن ما بلغتم هذه الدرجة الرفيعة من الفلاح حتى تجشمتم عرق العمل قربة (٦) ، وتجرعتم غصص المصاعب شربة بعد شربة".
" أمّا أنا فقد خضت بحر الأخطار وحدي ، وعاركت الدهر بساعدي وزندي ، وأنا أضعف منكم بالمال والرجال ، وإنما اعتصمت بالقدرة العلياء ، وقلت : " فإذا عزمت فتوكّل على الله" (٧). وبعونه ـ تعالى ـ تجرأت على إلغاء تجارة أنشأتها الأمة وأثبتتها السنّة (٨). ومن له
__________________
(١) ولكن ... الثرى : ساقط في ب
(٢) ب : ان بذلت بريطانيا الصديقة جهدها ...
(٣) ب : صديقتها
(٤) أ : رقت ، ب : بلغت
(٥) ب : يمينها.
(٦) أ : عرق القربة (كذا) وفي ب : عرق العمل
(٧) سورة آل عمران ٣ / ١٥٩
(٨) ب : الأجيال