ولما وصل السيد صرخ الشعب بأصوات الحبور والترحيب : " أهلا وسهلا بسعادة سلطان زنجبار! ". فدخل السيد الدّار ، واستراح فيها نحو ٢٠ دقيقة من الزمان. ثمّ أحضروا له المركبة ثانية ، وطلبوا إليه أن يخرج إلى المدينة ليتفرّج عليها. فأجاب طلبتهم ، وساروا به أولا إلى معمل القطن كما فعلوا بشاه العجم يوم زار مدينتهم.
وكانت الأزقة مملوءة بالناس ، وهم مسرورون بمشاهدة سعادته ، ويكشفون قلانسهم عن رؤوسهم ، ويسلّمون عليه بألطف سلام أينما سار. وكان السلطان ـ أعزّه الله ـ يردّ عليهم السلام تارة بإحناء رأسه ، وأخرى بحركة يده.
ولما وصلوا إلى معمل القطن خرج إلى ملاقاة سعادته مستر ريشارد هورث صاحب المعمل ، وسلّم عليه ، ورحّب بتشريفه معمله. ثم دخلوا بالسلطان وأتباعه إلى أماكن الشغل ، وفرّجوه على طريقة حلج القطن ، وغسله ، ونسجه ، وكل ما أنيط به حتى يصير خاما. وكان الفقيه باجر يترجم لسعادة السلطان كل ما كان يشرحه صاحب المعمل لسعادته عن طريقة العمل. وفي أثناء ذلك توقفت أوائل البخار عن الشغل مدة ، وصار هدوء عظيم ، وأخذ العملة يغنون بمقامة الدولة البريطانية ترحابا بتشريف سعادته معملهم.
ولما قضى السيد الفرجة ، وأراد الخروج طلب إليه صاحب المعمل أن يشرفه بوضع اسم سعادته في كتاب الزوار تذكارا لزيارته الشريفة ، فأجاب السيد طلبته بلطف ، وكتب اسمه بالعربي : " برغش بن سعيد". فشكر صاحب المعمل لسعادته ذلك. وبعد أن توادعا خرج السلطان من المعمل. والناس من الداخل والخارج يحبذونه.
ثم ساروا بسعادته من هناك إلى دار التحف. وكان والي سالفرد يشرح لسعادة السلطان عمّا كان في تلك الدار من التحف النفيسة ، وما زالوا حتى حانت ساعة الغداء (١) ، فخرجوا من
__________________
(١) لم يرد في النص حديث عن الغداء.