" أما الآن فقد انمحى ذكر هذا الشاه الجليل من عقول الأمة كأنه لم يأت ولم نره أبدا. وبردت محبة الإنكليز له منذ رأوه يميل إلى حب الروسية ويطمع في مواخاتها فضلا عن دولتهم".
" ثم كان الشاه قد وعد الدولة البريطانية ـ يوم كان بلندن ـ أنّ من نيته فتح بلاده لتجارة الإنكليز ، وإدخال العمران والإصلاح في ملكه بسعي رجال الإنكليز. ولكن أضحت مواعيده برقا خلبا (١) وسحابة لا ماء فيها. ورأينا ـ نحن أيضا ـ أن دوننا ودون بلاد فارس حائل عظيم يقطع وصالنا معها ممالك (٢) غير متحابة معنا. فبردت حينئذ همة الأمّة ، وخمدت مطامح رجال السياسة".
" أما سعادة السيد برغش الذي قد حان يوم فراقه ، ودنت ساعة رحيله بالسلامة من بلادنا ، فليست منزلته منزلة شاه العجم ، ولكن مقامه في أعين أمتنا الإنكليزية أرفع من مقام الشاه ، وذكره أحب إلينا ، وبلاده أشد أهمية. وموقع مركزها الجغرافي يزيد آمالنا بأنها تضحى ـ يوما من الأيام ـ أكثر اتساعا من بلاد فارس".
" وقد اشتهرت بلاد السيد برغش ـ من قديم العصور ـ بالخصب ، والغنى (٣) ، وجودة التربة والمعادن. وقد ذكرها الشاعر ميلتن الإنكليزي في ديوانه البديع المسمى" بالفردوس المفقود". فقال في قصيدة منه : " رفع الملاك مخائيل آدم عليه السلام إلى قبة السماء وأطلعه على مملكة نجوس ومرسى اركوكو وبلاد ممباسا وأكويلو ومالند". وكانت هذه البلاد قبل اندراس آثارها من المملكة (٤) الخاضعة الآن لسلطان زنجبار".
__________________
(١) ب : خبا
(٢) ممالك : ساقط في ب
(٣) أ ، ب : الغناء.
(٤) ب : الممالك