" ولكن لا ينحصر ملك السيد برغش في حدود هذه البلاد فقط ، بل يمتد إلى ما شاء الله في أصل البرّ من أفريقية ، وأراضي بلاده تصلح لزراعة كل ما تنبته بلاد المنطقة الحارة الشديدة الخصب ، وفيها مراسي كثيرة للسفن تسهّل على التجار نقل المحاصيل والغلال منها إلى جهات الدنيا".
" وفي أواسط قارة أفريقية بحيرات وسيعة عظيمة تصلح لسير السفن والمراكب اكتشفها السياح في هذه الأيام الأخيرة ، وهذه البحيرات تحت أمر سعادة السيد. وقد توغلت جنوده في تلك الجهات. ونصبت خيامها إلى جوار بعض البحيرات. وكان إسماعيل باشا ـ خديو مصر ـ قد طمع في توسيع ملكه ، وأرسل جوقا من جنوده الى أواسط أفريقيا ، وأمرهم أن يفتحوا تلك البلاد ، ويستولوا عليها الى خط الاستواء. ولكن اضطر أخيرا الى سحب (١) جنوده والكفّ عمّا خامره قلبه من الطمع وحب الفتوحات. فإنّ الخديو لا يتيسر له الوصول إلى نقطة خط الاستواء من دون أن يغزو بلاد السيد برغش الواقعة بين الديار المصرية ونقطة خط الاستواء ، ورجال السياسة في أوروبا لم يسمحوا لسعادة خديو مصر أن يسطو على بلاد السيد برغش ، ويغزوها".
" أما السيد فلا يوجد له عائق يصده من فتح تلك البلاد الواسعة حتى نقطة خط الاستواء. وقد أخذت جنوده في التوغل في غربي القارة. ولنا معرفة تامة باتساع تلك البلاد. وندرك حق الإدراك أن للسيد برغش حقا في توسيع ملكه إلى ما شاء الله من دون أن يعترض له عارض. وقد اطلعنا من الاكتشافات الأخيرة التي أتانا بها السياح الأفريقانيون (٢) أن تلك البلاد التي كانت مجهولة عند علماء رسم الأرض قديما هي بلاد سعيدة مخصبة تسكنها قبائل قابلة للتمدّن والحضارة. ومناخها ليس بسقيم كما كان يزعم القدماء ، وهي تصلح لسكنى الأوروبيين أيضا إذا اختاروا الإقامة فيها ، وسعوا في توسيع نطاق الزراعة والتجارة والفلاحة".
__________________
(١) أ : ترجيع
(٢) ب : مجموعة من السياح