الباب الرابع والأربعون
في زيارة سعادة السلطان للمرشال مكمهون ببلد فرسايل
خرج السيد برغش في وزرائه نهار الأحد ١٤ جمادى الثانية (١٩ جولاي) يريد ردّ السلام على المرشال مكمهون. وكان المرشال مقيما في قصر ملوك فرنسة القدماء الكائن في بلدة اسمها فرسايل تبعد عن باريس نحو ١٥ ميلا. فركب السيد مركبته وسار إلى القصر ، ووصل إليه بالسلامة ، فخرج رجال الدولة إلى لقاء سعادته ، ورحبوا بقدومه ، وسلموا عليه ، ودخلوا به إلى القصر ، فلاقاه المرشال مكمهون بالعز والإكرام ، ورحّب بقدومه.
وبعد أن فرغوا من السلام والخطاب نهضوا ، وأخذوا يفرجون السلطان ورجاله على ما كان في ذلك القصر الجميل من الأبنية والمنازل والمخادع والصور والتماثيل والأثاث والأواني الثمينة الباقية هناك من عهد الملوك القدماء. وحيطان القاعة وسقفها مصورة أحسن تصوير ومن يراها كأنه يرى الحرب قائمة على الساق أمام عينيه.
وتجاه هذا القصر جنينة عظيمة ذات أشجار وأزهار متنوعة وأحواض فيها تماثيل من حجر منها في صورة بنى آدم ، ومنها في صورة سمك ، ومنها في صورة غير حيوانات البحر ينفجر الماء من أفواهها وصدورها على علوقامات كثيرة ، وينزل إلى الأحواض كالمطر أو يتساقط على الدرج ، ويظهر للناظر كأنه شلالات بحر النيل.
ويوجد في هذه الجنينة محل على دائرته عقود وفي وسطه براحة (١) وفي داخل العقود طريق يمشون فيها دائرة على تلك البراحة ، وعلى دائرة العقود من الخارج أشجار وأزهار. وفي وسط كل عقد ثوارة من الماء. ومتى سار المتفرجون بتلك الطريق إلى تحت العقود يقوم الماء عليهم
__________________
(١) ب : استراحة