الباب السادس والأربعون
في فرجة سعادة السلطان على بستان مجموع الحيوانات
وغيره من أماكن بمدينة باريس
ولما كان اليوم الثالث من وصولهم إلى باريس أتى رجال الدولة إلى سعادة السلطان ، وطلبوا إليه أن يخرج في معيتهم ليفرّجوه على بستان مجمع الحيوانات. فأجاب طلبتهم ، وخرج في رجاله معهم ، فساروا به إلى البستان المذكور. وهو بستان عظيم متسع طولا وعرضا ، وفيه محلات مخصوصة لأنواع الحيوانات المختلفة.
ومن جملة الحيوانات الموجودة هناك جمال بيض ذات سنامين ، وأفيال. وكان هناك فيل صغير وضع سائسه مزمارا في خرطومه ، فصار ينفخ فيه ويزمر. وكان كذلك بقر أبيض له أذيال طويلة كأذيال الخيل. وطير النعام يجرّ مركبة كالخيل. ثم حمير من نوع حمار الوحش. وكلاب وغنم وكلها قد طوّعوها لتجرّ مركبات صغيرة. وفي هذا البستان جميع أنواع الحيوانات والطيور ، لا يسعنا ذكر أجناسها وأنواعها في هذا الباب.
ولما كان نهار الجمعة فرجوا سعادة السلطان على سرداب في بطن الأرض تجتمع إليه مياه المدينة التي تصعد إلى البيوت والمنازل ، وسرداب آخر تجتمع إليه فضلات المياه المستعملة في البيوت بعد الغسل وغيرها ، ومن السيول وغيرها ، وهو سرداب طويل متشعّب في طرقات باريس من أسفلها ، وعلوه نحو قامتين ، وعرضه نحو عشرة أذرع ، ويسير فيه الماء حتى يصبّ في نهر باريس.