الباب السابع والأربعون
في سفر سعادة السلطان من باريس
طلب رجال دولة فرنسة من سعادة السلطان أن يطيل مدة إقامته بباريس ليفرّجوه على جميع ما في هذه المدينة الجميلة من التحف العجيبة. أما سعادة السيد فكان عازما على الرجوع إلى أوطانه السعيدة وقال لهم : " بارك الله فيكم أيها السادات الكرام ، وحرس مدينتكم هذه من جميع الآفات. وإنها لعمري نعم المدينة! وقد صدق من قال : إن باريس عروس الدنيا ، تفوق جميع مدن العالم جمالا وحسنا وبهجة ، تقرّ عين الناظر برؤيتها ، وتسرّ النفوس بحدائقها ومنتزهاتها. وهي نزهة الدنيا ، ذات أنهار جارية ، وثوارات ماء نافرة ، وأشجار مثمرة ، قطوفها دانية ، وأزهارها نضرة ، وقصورها شامخة عالية ، وطرقاتها معتدلة ساوية. فإذا لبث الإنسان فيها ـ عمره بطوله ـ لا يسلوها. ولكن مهمّات المملكة تدعوني إلى الرجوع ، وإني أشكر لكم مكارمكم العميمة وأسأل الحقّ ـ سبحانه وتعالى ـ أن يؤيّد ملككم على دعائم العزّ والإقبال آمين".
ولما كان اليوم ٢٢ جمادى الثانية (٢٧ جولاي) خرج السيد بعد صلاة العصر فشيّعته أرباب الدولة وأكابر البلد إلى محطة سكة الحديد. ورافقته العساكر الخيالة أيضا.
وقبل غياب الشمس بنصف ساعة قام قطار سكة الحديد من باريس ، وسار السيد ورجاله في كنف الرحمن الليلة بطولها.
ولما أصبح الصباح وأضاء بنوره الوضاح ، دخلوا مدينة ليون (١) ، وصلّوا الفجر فيها.
__________________
(١) مدينة تقع في وسط فرنسا على نهري الرون Rhone والسون Saone وهي ثالث مدينة فرنسية. فصل : Lyon : ١١٠٩ / ٢ : P.R