ثم خرج الخديو المعظم إلى لقاء السلطان ، فقابله في أسفل درج السراية ورحّب بقدومه ترحيبا يسفر عن خلوص المودّة. ثم صعد معه إلى ديوان رحيب ، وجلسا يتحدثان نحو نصف ساعة. ثم توادعا.
وخرج السلطان في رجاله ورجال سعادة الخديو ، وساروا إلى القصر الذي كانوا قد هيأوه لسكنى سعادته : وهو قصر فاخر لائق بمقامه. وأقاموا واحدا من المأمورين ملازما لسعادته يقوم بكل ما يلزم من الخدمات. وعيّنوا له فرقة من العساكر الخيالة والمشاة تلازم القصر الذي كان مجمّلا بأفخر الأثاث ومزيّنا بأحسن الفرش.
فلما استقر السلطان في المنزل وافى الخديو المعظم ووليّ عهده مصحوبين بأرباب الدولة ، وردوا السلام على سعادته ، ولبثوا يتوانسون بحضرة السلطان مدّة من الزمان. ثم توادعوا معه ، وانصرفوا إلى دار الولاية.
ثم وافى أكابر البلد وأعيانها وقناصل الدول الأجنبية ، وسلّموا على سعادته. وكان من جملة المأمورين الذين عينتهم دولة الخديو لخدمة سعادة السلطان والي الإسكندرية وقتئذ المسمى حسن باشا ، والعالم الفاضل المسمّى علي الليث (١) ، ونفران من القرّاء يقرآن القرآن بعشر قراءات ، وغيرهم.
ولما كان نهار الخميس ٣ رجب الأصبّ (٢) (٦ أغسطس) خرج السلطان يريد زيارة صاحبة العصمة أمّ الخديو المصونة في قصرها بالرملة.
وبعد أن قضى واجبات السلام على سعادتها رجع ، وسار إلى زيارة شريف باشا وإسماعيل صديق باشا. ثم عاد إلى منزله بالسلامة.
__________________
(١) هو علي بن الحسن الليثي (١٢٣٧ / ١٨٢٢ ـ ١٣١٣ / ١٨٩٦) شاعر مصري من الندماء صاحب الخديو اسماعيل له ديوان شعر. الزركلي : الأعلام : ٦ / ٢٩٨ ، كحالة : معجم : ٧ / ٦٦ ـ ٧٦ ، ١٣ / ٤٠٦
(٢) الأصبّ ، سقط في ب