ثم خرج بعد العصر ثانية ، وسار إلى زيارة سعادة محمد توفيق باشا وليّ عهد الخديو وأخيه حسن باشا. وفي أثناء رجوعهم من الزيارة ساروا إلى ساحة المنشيّة : وهي ساحة جميلة أنشأها الخديو المعظّم في قلب مدينة الإسكندرية ، ونصب في وسطها تمثال محمد علي باشا صاحب مصر ، وهو راكب على حصان ، ونصب فيها أشجارا يجتمع الناس إلى ظلّها ليسمعوا أنغام الموسيقة التي تعزف في أوقات معلومة.
ثم رجعوا بعد الغروب إلى منزلهم بالسلامة.
ولما كان اليوم السادس من رجب (٩ أغسطس) أقام الخديو المعظم وليمة شائقة لسعادة السلطان وأصحابه الأخصّاء. ولكن عرض للخديو مرض أعاقه عن حضور الوليمة بنفسه ، فأقام ابنه وليّ العهد نائبا عنه.
فحضر السلطان ورجاله تلك الوليمة ، وحضرها عدد وافر من رجال الدولة ورؤساء البلد من جملتهم حسن باشا ناظر الجهادية. وكان رجال الخديو يكرمون السلطان ورجاله إكراما لا مزيد عليه.
وكانوا قد أقاموا لكل رجل من رجال سعادته أنيسا يؤنسه ويتولاه (١) في الطعام ، وكانوا قد أخذوا مأخذ الإفرنج في ترتيب سفرة الطعام ، وكتبوا اسم كل واحد في قرطاس ووضعوه في إناء ليعرف الرجل المكان المعدّ له على السفرة.
وكانت الموسيقة تعزف بالأنغام خارج الدار في جنينة مزينة بالأشجار والأزهار حتى فرغوا من الطعام.
وعقب (٢) ذلك نهضوا وشربوا القهوة.
ثم انصرف كل منهم إلى منزله بسرور وحبور.
__________________
(١) أ : أن يؤنسه ويكلفه إلى
(٢) أ : غب