الباب التاسع والأربعون
في فرجة سعادة السلطان على أهرام مصر
لما كان اليوم الخامس عشر (٢٠ أغسطس) بعد صلاة الفجر خرج السيد ورجاله يريدون الفرجة على أهرام مصر (١). وهي من بقايا آثار المصريين القدماء ، وقد أكثر الناس من ذكرها ووصفها. وهي كثيرة العدد. وكلها ببرّ الجيزة ، وعلى سمت مصر القديمة ، وتمتدّ في نحو مسافة يومين ، وبعضها كبار ، وبعضها صغار ، وبعضها طين ولبن ، وأكثرها حجر ، وبعضها مدرّج ، وأكثرها مخروط أملس. وقد كان منها بالجيزة عدد كثير ، لكنها صغار ، فهدمت في زمن صلاح الدين يوسف بن أيوب (٢) كما ذكرنا (٣).
وأما الأهرام الموصوفة بالعظمة فثلاثة أهرامات موضوعة على خط مستقيم بالجيزة قبالة الفسطاط ، وبينها مسافة يسيرة ، زواياها متقابلة نحو المشرق ، واثنان منها عظيمان جدّا (٤) ، وفي قدر واحد. وبهما أولع الشعراء ، وشبّهوهما بنهدين قد نهدا في صدر الديار المصرية.
__________________
(١) أغرم الغربيون بآثار الفراعنة وأهرامهم واهتموا بدراستها منذ حملة نابليون. وللاطلاع يراجع مثلا : فيرنوس (باسكال) : موسوعة الفراعنة : الأسماء ، الأماكن ، الموميات. ترجمة د. محمود ماهر طه ، دار الفكر للدّراسات والنشر والتوزيع ، القاهرة ط ١٩٩١ ، بوزنر (جورج) : معجم الحضارة المصرية القديمة ، ترجمة أمين سلامة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ١٩٩٢.
(٢) الملك الناصر (٥٣٢ / ١١٣٨ ـ ٥٨٩ / ١١٩٣) مؤسس الدولة الأيوبية ، وهازم الصليبيين. الزركلي : الأعلام ٨ / ٢٢٠ فصل : Salah al Din : E.I.٢ : VIII / ٠١٩ ـ ٤ (Richards)
(٣) نقل الكاتب هذا الكلام عن المقريزي : الخطط ١ / ١١١
(٤) اثنان عظيمان : أحدهما الأكبر وهو من بناء فرعون من الأسرة الرابعة وهو خوفو (ح. ٢٥٣٨ ق م ـ ٢٥١٦ ق م) يبلغ ارتفاعه ٦ ، ١٤٦ م وطول ضلعه ٩ ، ٢٣٠ م. أما الهرم الثاني فهو من عمل خفرع (ح. ٢٥٠٩ ـ ٢٤٨٤ ق م) ويبلغ ارتفاعه ١٤٣ م ، وضلع قاعدته ٩ ، ٢٠٣ م. فيرنوس : موسوعة ص ٧٧ ، زكي : موسوعة ص ١٧ ، بوزنر : معجم ص ١١٣ ، ٤ ـ ٢٣٣Ancient : pp