الباب الرابع
في سفر حضرة السلطان من عدن
كانت الدولة البريطانية أعدت لحضرة السلطان برغش في عدن باخرة أخرى من بوارج الدولة ، فانتقل إليها في قارب جميل تخفق في مؤخرته الراية الزنجبارية. وكان قد رافقه كثيرون من أرباب الدولة البريطانية وأعيان البلد وتجارها يشيّعونه بالسلامة. وبعد أن قضوا فروض الوداع عادوا إلى البرّ. وأقلعت الباخرة الحاملة للسلطان ، وسافرت في حراسة الرحمن. فطابت لها الريح. وصفا الجو ، وراق البحر. وما زالوا يقلعون وهم في أرغد عيش. وإذا ببارجة إنكليزية حاملة أمير البحر قادمة فعرف الأمير باخرة السلطان وأمر بإطلاق ٢١ مدفعا على سبيل السلام والتوديع لجلالته. ثم ساروا الليل بطوله حتى انكشف لهم نور فوق منارة قد شادتها الدولة البريطانية هداية للسفن في مرورها ليلا في مضيق مدخل باب المندب (١).
وفي اليوم الثاني عشر (٢) (٢٠ مايو) من السفر صادفت باخرة السلطان مركبا عظيما ذا أربعة دقال (٣) يخاله الناظر إليه قّنّة (٤) جبل عال. وبعد غياب الشمس بثلث ساعة (٥) مرّت السفينة بنور آخر على منارة مشيدة في شعب يدعى أبو الكيزان.
__________________
(١) مجال بحري يفصل بين جزيرة العرب (شمالا) وأفريقيا (جنوبا) ويصل بين البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي ، طوله ٣٢ كلم تقريبا. زاد قيمة منذ حفر قناة السويس ، فصل :
٣٦٥ / ٧ : Bab el Mandeb : N.E.B
(٢) هذه الكلمة لا توجد في أوب ، وإضافتها تصحح التاريخ.
(٣) ب : قلاع
(٤) ب : قمة.
(٥) أ : ساعات.