السّوداوان (١) تلمعان لميع كوكب الصبح ، والابتسام يلوح على شفتيه ، فرحّب (٢) بنا بكل أنس وبشاشة حسب دأبه المعهود".
" فاستأذنت (٣) من سعادته بالتكلم بين يديه ، فأومأ لي أن أقول ما بدا لي ، فقلت : " كيف رأيت أيها المولى (٤) هذه البلاد؟ وهل طابت نفس سعادتك بمناظر مدينة لندن؟ ". قال ، وهو يتبسم بأعذب ابتسام : " وأي نفس لا تطيب بحسن مناظر هذه الحاضرة الجميلة ، وبحدائقها النضرة ، وبقصورها الباذخة ، وشوارعها المتسعة ، [و] بجمال أهلها البديع (٥) ، ولطف أخلاقهم المأنوسة؟ فإني قد أضحيت ممنونا غاية الامتنان للأمة الإنكليزية لأجل ما أبدته نحوي من العز والإكرام واللطف. بارك الله فيها وأيّد دولتها طول الزمان".
فقلت له : " إن ما قدّمته الأمة والدولة البريطانية في حقّ سعادتك من الإكرام والعزّ هو بعض من واجباتها وفروضها ، وممّا هي مدينة (٦) به لسعادتك لأجل إمدادك إيّاها حق الإمداد (٧) في إبطال تجارة الرقيق من أفريقية. وإن جرائد لندن كلها قد حثّت الدولة والأمة البريطانية على تقديم الإكرام الواجب لسعادة أمير وسيد نبيل قد زادها شرفا بزيارة بلادها".
فقال لي السلطان في جوابه : " بارك الله في بلادكم السعيدة وعمّر دياركم الفريدة ، فإني رأيت في هذه الحاضرة العظيمة منازل كبيرة جدا ، وجميلة البناء كأنها قصور ملوك أعزاء. وقد قيل لي إنها منازل قد أعدها أصحاب الخير. منها للفقراء والبائسين ، ومنها مستشفيات
__________________
(١) ب : وعينيه السوداوين
(٢) أ : فاسترحب
(٣) ب : ثم استأذنت
(٤) ب : السلطان
(٥) ب : وخصال أهلها
(٦) أمديونة
(٧) ب ـ جهادك معها