للمرضى والمقعدين. فطابت بذلك نفسي ، واتسع صدري وقلت : هذه حسنة كبيرة عند (١) الله! ثم لمّا جلت شوارع هذه المدينة العظيمة ، وطفت ضواحيها الجميلة ، ورأيت قصورها الباذخة ، ودرت بين جنائنها وحدائقها النضرة تعجبت من كبرها واتساعها. وقلت : حقا هذه مدينة من أعظم مدن الدّنيا كلها كبرا وأكثرها سكانا وأحسنها خلقا وأجملها منظرا! ".
قلت : " وهل تحسب سعادتك أن الإنكليز أجمل الناس خلقا وأحسنهم منظرا؟ "
قال : " الناس طرّا من نسل حضرة أبينا آدم عليه السّلام ، وإنما اختلاف الأراضي التي سكنها البشر واختلاف المعيشة والأقاليم قد أوجبت الاختلاف في هيئاتهم وأخلاقهم. وهذا أمر الله يجريه في خلقه. وقد قدّر على كل خليقة أمرا ، ولا بدّ من تنفيذه".
قلت : " أصبت أيها المولى (٢) بحسن رأيك ، وعسى تصبح بلادك يوما من الأيام مثل لندن وأحسن منها. وقولي هذا لا يخامره اشتباه. فإن بلادك السعيدة لا ينوبها ما ينوب لا (٣) لندن من كثافة الضباب وسواد الدّخان الحالك".
فتبسم السيد وقال : " إن شاء الله الحقّ سبحانه وتعالى يستجيب دعاءك".
ثم عرضت بين يدي سعادة السيد برغش بعض أسئلة عن مستر استانلي (٤) الأميريكاني السايح المشهور وعن رئيس النخّاسين المدعو ميرامبو الذي كان يحاول منع إبطال تجارة الرقيق في أفريقية ، فاستحسن السيد سؤالي (٥) وقال : " قد بذلت وسعي بطيبة الخاطر في مساعدة مستر استانلي وجميع الإنكليز الذين ساحوا في أفريقية. وأودّ لو أنّ يرجع مستر استانلي مارّا
__________________
(١) أ ـ بعين الله
(٢) ب : السلطان
(٣) ب : لا يؤذيها ما يؤذي
(٤) هو السرهانري مورتن (١٨٤١ ـ ١٨٩٩) أمريكي أنكليزي مستكشف افريقيا الوسطى. فصل :
٢١٣ / ١١ : Stanley : N.E.B
(٥) أ : فاستحسن السيد بردّ الجواب عن سؤالي